تبين الأحداث المتسارعة في حضرموت من انفلات أمني والظهور العلني لمسلحي أنصار الشريعة من جهة ومساعي مافيا النفط للاستيلاء على قطاعات الغاز في حضرموت إلى خطة واضحة من مراكز القوى في اليمن للاستيلاء على حضرموت في ظل عجز, إن لم يكن تواطئ , واضح للجيش المرابط في الوادي عن القيام بأي خطوة لمواجهة التحدي الأمني فيها…يتواجد في الوادي حاليا أربعة ألوية جيش, لواء في ثمود, لواء في رماه , لواء في العبر ولواء في الخشعة وكل لواء يتألف من ثلاث كتائب ويبلغ في المتوسط عدد أفراد كل لواء حوالي بين 2500 – 3000 فرد وقد يصل أحيانا إلى 7000. إضافة الى هذه الألوية الأربعة هناك ثلاثة كتائب ترابط حول مدينة سيئون. وخلال ايام العيد تم تعزيز الوادي بلواء خامس.
ورغم هذا التواجد الكبير للوحدات العسكرية للجيش في الوادي لم تتحرك هذه الألوية في الأحداث الأخيرة في سيئون, في المرة الأولى ولأكثر من 6 ساعات عملت المجاميع المسلحة بحرية في السطو على البنوك ( ما عدا بنك واحد ) والمرافق الحكومية دون تحرك وحدات الجيش, وفي المرة الثانية تم إبلاغ قيادة المنطقة حينها وقبل ساعات من الهجوم على المطار أن هناك استهداف آخر لسيئون ولم تقم وحدات الجيش باي استعدادات أمنية لحماية سيئون , ببساطة لأن ولأت قادة هذه الألوية متعددة وتتبع في التوجيهات مراكز مختلفة وليست من أولوياتها الدفاع عن المدن والمواطنين.
ومن المفارقات الغريبة في حضرموت بين ما تسمى القاعدة والجيش والشركات النفطية. فالقاعدة لا تهدد الشركات النفطية ولا مصالح مافيا النفط, وطالما أن القاعدة ملتزمة بهذا النهج في المقابل الجيش لا يدخل في مواجهات مع عناصر تنظيم القاعدة … ترك القاعدة للشركات النفطية مقابل ترك الجيش للقاعدة حرية الحركة والعبث في مدن وادي حضرموت والخط الحدودي مع السعودية لتهديدها. ورغم التوجيهات المتكررة من رئيس الجمهورية لوزير الداخلية ووزير الدفاع بتعزيز القدرات الأمنية للمحافظة عن طريق تجنيد 1000 في الوادي و1000 في الساحل من الأمن العام وعدد آخر من أفراد الجيش وتعزيز المحافظة بالأليات والمعدات الأمنية, إلا أن هذه القرارات بقيت حتى الآن حبر على ورق… فهناك من لا يريد تعزيز أمن وقدرات حضرموت.
هذه العلاقة بين الانفلات الأمني ومساعي ومصالح مافيا النفط تظهر بشكل جلي أنه حتى الآن لم تقم ما تسمى بتنظيم القاعدة بتهديد أو الهجوم على أي من القطاعات النفطية في حضرموت, فهناك حالة من الهدنة والاتفاق. عدم التعرض للمصالح النفطية لمراكز القوى مقابل عدم تعرض الجيش لهم, وكل من يأتي من قادة المنطقة العسكرية للوادي يجب أن يكونوا موالون لمافيا النفط, ومن المحتمل ان تكون مرجعية الألوية العسكرية ومافيا النفط هي نفس المرجعية.
ومن الواضح أن الرئيس هادي ليس بعد مسيطرا بالكامل على الجيش, وقد أثبتت الأحداث الأخيرة أنه لا يمكن الاعتماد على الألوية العسكرية المتواجدة في حماية حضرموت وليس هناك من بديل إلا اعتماد حضرموت على أبنائها من كل شرائح المجتمع وفي مقدمتهم القبائل… ولكن واقع الحال يبين أن هناك سلبية كبيرة في تحمل المسؤولية من السلطة المحلية للمحافظة ومن رجال أمن حضرموت ومن كل شرائح المجتمع الحضرمي وفي النهاية مسؤولية الجميع ..
يجب عدم الاعتماد كليا على المركز في معالجة الأوضاع الأمنية في المحافظة, ولهذا تقع على السلطة المحلية مسؤولية المبادرة السريعة بمشاركة جميع شرائح المجتمع في استنهاض همم أبناء حضرموت في هذه الأوضاع الحرجة والخطيرة في إيجاد الحلول العملية الممكنة التي تحافظ على أمن واستقرار حضرموت وتعزيز قدرات والحالة الأمنية لحضرموت واللجوء إلى كل الوسائل التي يمكن أن تؤدي إلى تحقيق هذه الهدف بما فيها التنسيق أمنياً على مستوى إقليم حضرموت.
مقالات أخرى