محمد سيف جيوب الداعري
سنوات الجمر

في التسعينيات من القرن الماضي كان المواطن الجزائري حينما يود الخروج من منزله قاصداً عمله، يودع أهله وبنوه وداع من لا رجعة له، فلقد كانت تلك السنين من عمر تاريخ الجزائر كنوبة قلبية كادت أن تودي بها

 عشر سنين مرت عجاف على الجزائريين أهلكت الحرث والنسل، كانت حرباً على الإنسانية مورست بحقها أبشع أنواع الظلم والطغيان، ولكن شعبها الذي أعطى العالم دروساً بالصبر والحكمة والإقدام خرج من العشرية السوداء متماسكاً صلباً كالجبل أمام من أراد بوطنه السوء، شعباً بقدر الظلم الذي تجرعه صار مناصراً لكل القضايا الإنسانية ولتجدنهم الآن أقرب الناس إلى قلوب المقدسيين رغم البعد الجغرافي..

سنوات الجمر ضيفاً ثقيل على من نزلت في وطنه، فلا تنتهي بطرفة عين كما نحلم ولا يأتي التغيير دون خسائر كما نشتهي، ولم يحدث بالتاريخ أن أشرقت شمس دولة جديده دون برك من الدماء ، وقد كتبت المقاومة الجنوبية بالأمس تاريخها بماء الذهب فسقط الكثير من الشهداء مهدوا لنا دروب الأمل، وآخرون ما زالوا ساهرين واهبين أرواحهم لتنام نساؤنا وأطفالنا آمنين ، رغم دناءة العدو وحقده المشارف على الموت المرتدي درع الاغتيالات، ولكنهم بإذن الله كما استطاعوا هزيمة العدو ظاهراً سيجتثونه وهو مختبئ في جحوره من جذوره..

فلا نكتفي نحن بالنظر والتحليل والتأويل فذلك لا يسمن ولا يغني من جوع، بل نشارك بالعمل والاجتهاد كلٌ في موقعه ومجاله فكلنا معنيون ولا نطمع بتحرير أرضنا فقط فلطالما استعبدت الدول بمحتل أخطر وأعنف وهو ( الجهل )

ومهما كان صلاح القائد فلان والثائر فلان ووطنيته فالأولى ألا نفرط في مدحه وتبجيله وتعظيمه..

بل لكل شيء حد ومقدار فالنفس أمارة بالسوء ويسهل انحرافها فتخرج عن القصد دونما تدري، وللرئيس البوسني علي عزت بيجوفيتش رحمه الله موقفاً في ذلك حين وصل إلى صلاة الجمعه متأخراً ففتح له الناس الطريق إلى أن وصل للصف الأول فاستدار وقال بغضب مقولته الشهيرة ( هكذا تصنعون طغاتكم) فهل نريد نحن ذلك! الأجدى أن نعين من أحسن على رأس عمله بالنصح والإرشاد والنقد البناء ، وننشر الوعي ونساهم في استقرار الدوله التي أوشك ليلها أن ينجلي، والغاية لا تتحقق إلا بالتكاتف الجدي لكل فئات المجتمع ابتداءً بالمسجد والمدرسة والجامعة ... مروراً برجل الأمن والجيش الجديد المقاوم وانتهاءً بالتدبير المتمثل بالعقل السياسي.

مقالات أخرى

التمثيل في سياق الشراكة .. قراءة في دلالات حضور الجنوب في دورة الأمم المتحدة ال80

حافظ الشجيفي

سطوة الفاسدين... إلى حين ؟

ثروت جيزاني

العميد أحمد قايد القُبّة

علي شايف الحريري

( الوحدة مع ايران)

م. جمال باهرمز