محمد سيف جيوب الداعري
الحـــريــــــــة

حين يذوق المستخرب( المستعمر) حلاوة أرضٍ احتلها ليس من السهل انصياعه إلى إرادة شعبها وتلبية مطلب الحرية الساكن في قلوبهم وإن كان غير ذلك لم يحتلها! بل يقاتل قتال اليائس المهزوم ويستخدم كل الوسائل التي حرمتها الأديان وأدانها الإنسان، ولكن الشعوب التي تؤمن بالحرية تعلم يقيناً أنها قضية الإنسان منذ بدء وعيه، وهي كالأكسجين الذي يموت إن لم يتلقاه في شهيقه ويموت إن لم يستطع إخراجه في زفيره، فلا عجب أن نسمع ونرى كل تلك التضحيات فالغاية غالية وهي تستحق التضحية، والأهم أن لا نترك للقنوط مجالاً أن يتسرب إلى أفئدتنا فينقص من عزيمتنا فالهدف الأول لأرباب الاغتيالات وكهنة الجماعات المستأجرة ليس بالسيطرة على الأرض بل هو نزع الثقة والنيل من الإرادة ليسهل بعد ذلك إزاحة الناس عن مطلبهم في حق تقرير المصير بكل مرونة ويسر.

ولقد قرأنا في الأيام التي خلت بعض الأقلام الإنهزامية وهي تبث البؤس في أرواح الناس وتثبط من عزيمتهم، فتسرد الرواية الفاشلة وتولول على ما جرى ويجري، وغفلوا عن قصص وأخبار الشعوب التي طلبت عظائم الأمور فهان عليها بذل النفس فيها فتحققت غايتها، والأمثلة كثيرة والتجارب لا تحصى والثمر كان الحرية.

بالأمس القريب مارست أثيوبيا كل أساليب القمع والاضطهاد ضد الأريتريين ولم تترك أي أسلوب إلا وجربته فلقد أطلقت العنان لكل أنواع الأسلحة أمام مطلب الحرية ابتداء بسلاح الدين لخلق الفرقة وشكلت حزباً سياسياً يخدم هذا الغرض (فما أشبه الليلة بالبارحة).

وألغت اللغات الرسمية (العربية والتجيرينية) وحلت مكانهما اللغة الأمهرية، وألغي العلم الأرتيري وكان الموت خبراً روتينياً عند سامعيه، كل ذلك كان بأمر الديكتاتور هيلاسلاسي، ولم تنته المعاناة عند أبعادها بل وصل الماركسيون عام ١٩٧٤م للحكم في أثيوبيا بزعامة هيلاماريام فزادت معاناة الأريتريين واشتدت بهم المحن، فلقد شن هذا الأخير عليهم حرب أباده واتبع سياسة الأرض المحروقة وسمم الآبار وصادر المواشي وعمل على القضاء على أي إمكانات للبقاء على الأرض

كل ذلك وكل تلك الحرب الا إنسانية، لأنهم فقط طالبوا بالحرية، فلم يستسلم الشعب الأرتيري ولم تسلب إرادته ولم يرتضوا للواقع المر، لأن الغاية كانت أسمى ، رغم قساوة العيش وقلة العدد والعدة ورغم وجود عبدة الدراهم بينهم، فاستمر كفاحهم المسلح ٣٠ عاما حتى ذاقوا حلاوة صبرهم فأصبحت إريتريا دولة مستقله عام ١٩٩٣م، فلماذا لا نقطف الثمر الناضج من تلك الثورات ونشحذ بها هممنا ونرمي ما أفسده الزمان وراء ظهرانينا، ومهما طال الزمن سيظهر الله لكل ذي حق حقه، مهما كانت دناءة المستخرب وغدره، ولكننا حتماً سننتزعها نزعاً، فرحم الله أحمد شوقي القائل:-

الحرية!

ليست نصباً تذكارياً يغسل في الذكرى المئوية

 الحرية لا تستجدى من سوق النقد الدولية

 الحرية لا تمنحها هيئات البر الخيرية

 الحرية نبتٌ ينمو بدماء حُرةً وزكية.

مقالات أخرى

سطوة الفاسدين... إلى حين ؟

ثروت جيزاني

العميد أحمد قايد القُبّة

علي شايف الحريري

( الوحدة مع ايران)

م. جمال باهرمز

محطة التشاور الأخيرة في الرياض .. آن الأوان لوضع الأمور في نصابها

صالح شائف