أحمد ناصر حميدان
أنقذوا المتقاعدين من الإذلال

أن مررت من أمام أي بريد في أي منطقة من عدن الحبيبة تشاهد منظر الإذلال للمتقاعدين , ويتساءل الكثير لماذا هذا الإذلال ؟ وبالذات في عدن والجنوب , الموصوفة بالمدنية ومعظمها موظفين معتمدين على الراتب وملتزمين بالنظام والقانون , وبحكم حياتهم السابقة تحت ظلال الدولة وإدارة منظمه بأرشيف وخزانة عامة و وزارة عمل كل شي في حياة الموظف مدون وأرشيف يحفظ كل شي عن الموظف , وكلا في وقته وزمنه المحدد يتم الترقية والعلاوة والتقاعد , لا خلل ولا تزوير ولا تلاعب ولا محاباة ولا وساطة فيما نذر , اليوم انقلبت الموازين وما كان مجرم ومحرم صار حلال وشطارة بفضل عفاش وأذنابه الذين نجسوا أرضنا الطاهرة وتحايلوا على النظم والقوانين .
اليوم تشاهد مناظر الإذلال للمتقاعدين والموظفين في مدينتي عدن , أمام كل بريد وهم يفترشون الأرصفة والشوارع كالمتسولين للبحث عن راتب لا يسد رمقهم ويستر حياتهم , ويشبع جوع أبنائهم , لكنهم مضطرين للوقوف أيام وليالي في انتظار هذا الفتات , قامات وشخصيات ومناضلين وهامات علمية وفنية وثقافية , كلهم في سلة الإهمال لهذا الزمن الملعون , خدموا هذا الوطن في كل المجالات وافنوا حياتهم ولهم بصمات تذكر ومنحوتة في تاريخ عدن الثقافي والتربوي والفني والنضالي والعمالي .
نعم لديهم نقابة , لكن صوتها غير مدوي , ولم يصل للمستوى المطلوب , ليوقفون هذه المهازل و يصدون كل هذه الممارسات و الإيذاء على أخوانهم ومنتسبين لهذه النقابة , أتمنى أجدهم يصولون ويجولون في محاولتهم لإنقاذ هذه الأجساد المجهدة و النحيلة المثخنة بالأمراض والمتعبة , أكل منها الدهر وامتصها هذا الزمن البائس , وما دامت هذه المناظر تشاهد في عدن فهم يتحملون جزءا من المسئولية .
والمسئولية الأكبر على صندوق المعاشات للمتقاعدين , ويعتبر من اكبر الصناديق في هذا البلد , أمواله هي ملك لهولا الناس ومجهود تعبهم وشقاهم طيلة فترة عملهم , تديرها السلطة من الحكومة للاتحاد العام , لا شورى لهولا المساكين في أمرهم وشئونهم , وبحكم هيمنة وتسيد سلطة الأمر الواقع فزاد الطين بله , لو كان لهم شورى ولهم تمثيل حقيقي لما وصل حالهم لما هو علية , ولما تدهور حال الصندوق وهو معرض للإفلاس بحكم المشاريع الفاشلة التي ساهم بها وبحكم فساد الدولة الذي تصرفت بأموال المساكين والمجهدين من المتقاعدين , الذين يفتقدون لأبسط سبل الحياة والحقوق , كمستشفى وصيدلية ومتنزه ونادي ...الخ , حتى في الحصول على إعانة علاج وقت ما يكون الفرد طريح فراش المرض يجد من يمد له يد العون والمساعدة , في البريد يموت وهو قاعد منتظر للراتب .
ما يحدث لهولا الكهول والأجساد التي أضناها الزمن وقدمت الكثير لهذا الوطن تربى وتخرج على يديها رجال اليوم واكتسبوا مهاراتهم بنقل الخبرة منهم , لعنة في جبيننا جميعا ,من يشاهد ويصمت , أو يشاهد يبرر , ومن يشاهد ويسخر , والمسئول والمعني الذي يشاهد وكان شي لا يعنيه , ولا يحرك شي في ضميره وإنسانيته و وطنيته , ويرفض هذا الواقع المسي ويحاول بكل ما يملك من إمكانيات وسلطات على تغييره , ومحاسبة المتسببين .
لماذا الإصرار على البريد وهناك خيارات أخرى , فقد فشل البريد في تقديم خدماته للموظفين وتاه عن مهمته الرئيسية , لكن الإصرار , يزيد من الشبهات , والله اعلم ما وراء المستور والضحية المتقاعدين ارحموا عزيز قوما ذل أن كان فيكم خيرا 

مقالات أخرى

التمثيل في سياق الشراكة .. قراءة في دلالات حضور الجنوب في دورة الأمم المتحدة ال80

حافظ الشجيفي

سطوة الفاسدين... إلى حين ؟

ثروت جيزاني

العميد أحمد قايد القُبّة

علي شايف الحريري

( الوحدة مع ايران)

م. جمال باهرمز