علم الجنوب : راية سياسية سيادية أم رمز هوية؟

بات حضور علم الجنوب ذو الثلاثة ألوان والمثلث ذي النجمة الحمراء المثيرة للجدل في حفلات التخرج لطلاب جامعات عدن وحضرموت تقليدا لا غنى عنه,  فلا تكاد مناسبة طلابية تقام في أي من قاعات الجامعة أو خارجها إلا وترى العلم الجنوبي منتصبا أعلى يافطة المناسبة وفوق  أكتاف الخريجين والخريجات يلتقطون به الصور زهوا واعتزازا ,و يذهب الكثير منهم إلى إدراج ألوان العلم في باقات الفل ورسمه على خدود الحسناوات , أو وشاحا لا يتسلّمن شهادات التخرج إلا وكان العلم حاضرا  .

اعتزاز وبحث عن هوية :

الطالبة " هبة" لا ترى أنها قد بالغت في تزينها بعلم الجنوب الذي حرصت على أن يكون مخيطا في شارة روبها الجامعي وعلى كتفها في حفل تخرجها هذا العام ,فراحت تتوشح العلم بحجم أكبر على ضهرها وقالت بأنه " أي العلم " لم يعد بالنسبة لها عبارة عن قطعة قماش بألوان بل راية ترفع على الرأس اعتزازا بعشرات الشهداء ومئات الجرحى الذين سقطوا وهو بين أيديهم  يحملونه ,,وأجهشت " الطالبة هبة " بالبكاء حينما أرادت أن تضرب لذلك مثلا . مستطردة  وحشرجة في حلقها ,,لا يمكن لأي جنوبي في أي مكان كان أن ينسى وجه الشهيد الطفل" عادل نزار" الذي سقط برصاص مصفحة عسكرية في المنصورة وهو يحمل هذا العلم الذي نعشقه حد الهوس نعم تمسكنا به ليس  لذاته بل كرمز لهوية سلبت ووطن مستباح وأرض مغتصبة .

معادلة وجود :

الإعلامي وفي العريمي والذي يحرص على التواجد الدائم في حفلات تخرج الطلاب يرى بأن المسألة قد تجاوزت الأشخاص إلى فرض أمر واقع حيث حرصت رئاسة جامع عدن على محاولة منع إقامة أي مناسبات او حفلات تخرج في أي من قاعات كليات جامعات عدن نتيجة إصرار الطلاب و الطالبات على أن يكون علم الجنوب حاضرا وبقوة مع ايمانهم بحق عديد الطلاب الآخرين بارتداء الروب بالعلم اليمني .

وكانت صورة جماعية التقطت العام الفائت لطلاب كلية الهندسة في جامعة عدن  بحفل تخرج وظهر فيها علم الجنوب بقوة قد أثارت استياء وجدلا في أوساط عدد كبير من السياسيين في صنعاء ورأوا في ذلك مؤشرا خطيرا على انحسار الانتماء إلى –الوطن الواحد- وقالوا بأن من شأن تواجد علم الجنوب بهذه القوة  أن يعطي انطباعا للمتابعين من خارج اليمن بأن الانفصال بات قاب قوسين أو أدنى .فيما دافع جنوبيون في صنعاء عن الطلاب الرافعين للعلم الجنوبي بأنه كان علم دولة ولا ضير من رفعه باعتبار القضية الجنوبية جزء رئيس في الحوار الوطني وأن من شأن التضييق على النشطاء في التعبير السلمي بالطرق المدنية دفعهم إلى تصرفات وخيارات غير محمودة قد يكون من بينها انتهاج العنف .

غير أن ما يثير القلق عند كثير من النخب في الشمال حقا تعليم النشء والأطفال بالمدارس والبيوت في الجنوب ما يطلقون عليها " ثقافة الكراهية " أمر واقع :حرصت السلطة المحلية في عدن تحديدا على الحد من الانتشار الكبير للأعلام الجنوبية المنتشرة في الأحياء والحارات وزوايا الشوارع وعلى لافتات الاعلانات الكبيرة والصغيرة وفوق أعمدة الإنارة ناهيك عن شرفات المنازل وأسطح البنايات وسيارات الأجرة والباصات وعلى جوانب الطرق الرئيسة والفرعية  في كل مديريات محافظة عدن .فلجأت مرارا الى شن  حملات ليلية وتحديدا عند ساعات الفجر عبر سيارات منزوعة اللوحات حيث يقوم ملثمون بمسح هذه الأعلام وانتزاع صور الشهداء من شوارع المدينة , كما داهمت ساحات احتفالات مركزية للحراك في مناطق كريتر والمعلا والمنصورة .

ولا تزال أصداء حادثة الناشطة الجنوبية (أنسام)، في قاعة تدشين مؤتمر الحوار بجامعة عدن، وإصراراها على ارتداء قبعة تحمل علم الجنوب شاهدا حيا.

 

متعلقات
سجون الحوثي.. جرائم وانتهاكات على مرأى ومسمع من العالم
مؤسسة الصحافة الإنسانية ترصد وفاة 60 حالة وإصابة أكثر من 7 آلاف شخص خلال شهر فقط
التسرب المدرسي معضلة تهدد مستقبل الطالبات في ردفان
تقرير: "دثينة وقبائلها".. لا حياد في الحرب على الإرهاب
الأمم المتحدة تتهم جماعة الحوثي الانقلابية بعرقلة العمليات الإنسانية للشعب اليمني