على هامش زوايا من ولاية عدن 2-1

تابعت عن كثب الجهود المضنية التي بذلها الباحث بلال غلام حسين، في إصدار الطبعة الثانية من مؤلفه، الذي إنزله الى المكتبات ومراكز توزيع المطبوعات، بعنوان: "زوايا من تاريخ ولاية عدن - تاريخ وطني وحكاية إنسان".. بعد نفاذ الطبعة الأولى، التي شكلت حافزا له في البحث والغوص في الوثائق الأهلية لتاريخ عدن، بأوجهه المختلفة: وطنا وسكانا وتنمية وحضارة مبكرة، ومدنية الاولى من نوعها في منطقة الجزيرة والخليج.

لقد أبلى الباحث بلال بلاءً حسناً على مدى عام في مؤلفه الثاني، وبدا واضحا في إعطائه المادة التاريخية المنشورة مزيدا من الحقائق والعلومات التي غابت عن مؤلفه الاول، وإغنائها بالصورة.

ومن عبارات الإهداء الذي سطره الباحث بلال يلمس القارئ المتصفح مدى عشقه لموطنه عدن "هذه الارض الطاهرة التي اخذت لها مكانا في حدقات عيني واعماق قلبي، يبقى رد الجميل لها ضربا من المستحيل".. وكأن لسان حاله يقول: لولاك ما كنت أنا".

 من ارتبط بالباحث بلال صداقة او زمالة، او عابر سبيل التقاه بالصدفة وبادله الحديث عن كتاباته التاريخية في الصحافة ومصادرها فتجد اجابة واحدة لا تتغير: "أنا لا أكتب تاريخ عدن بل ابحث عنه من مصادر أصلية اعدها واترجمها".. وهو ما اختزله في الصفحة الاولى من المؤلف (بحث واعداد وترجمة".

أبواب جديدة وأخرى منقحة

ضم مؤلف "زوايا من تاريخ ولاية عدن - تاريخ وطن".. وحكاية انسان 1839-1967م، 12بابا منها تدخل لأول مرة واخرى منقحة اي تم تناولها في الطبعة الاولى وادخل عليها المعلومة الجديدة والصورة الحية.

12 بابا زاخرا بزخر ولاية عدن التي ذاع صيتها كمركز تجاري من مراكز التجارة العالمية وممرا بحريا دوليا يربط الشرق بالغرب وما كان لهذه الابواب من المؤلف ان ترى النور لولا تلك المصابيح التي اخذت بيده طيلة فترة اعداده لمؤلفه الضخم المكون من 793 من القطع المتوسط ممن كانوا عونا له بهذا القدر او ذاك من المعرفة والدراية ومعايشة الحدث، افرادا او جماعات او مراكز بحوث ودراسات داخل عدن وخارجها، لم يغفلهم الباحث بلال.. عددهم في مقدمته واحدا.. واحدا ونعم الوفاء والعرفان.

حملة عدائية "فيسبوكية"

في الوقت نفسه واجه الباحث بلال عند اصداره الطبعة الاولى وحتى نفاذها واثناء عزمه لإصدار طبعة ثانية.. واجه حملة شرسة الاولى من نوعها في تقديري الشخصي وتقدير كثيرين من تابعها.. حملة عدائية، "فيسبوكية" اخرى على ظهر صحف محلية لانه انجز عملا كبيرا عن تاريخ مدينته وانحاز اليها ولم يكن مثل اخرين جاحدا او ناكرا للجميل الذي صنعته عدن له او بتعبير اخر بحسب وصف رجل المال والاعمال الراحل عبده حسين ادهل رحمه الله وطيب ثراه صاحب اكبر صيدليات "الشرق" في عدن كتابه "الاستقلال الضائع" وصفهم ما مفاده "شربوا من مائها وبصقوا فيه".

ولم يأبه بلال لتلك الحملات الضارية، التي تحمل اسماء معروفة واخرى بأسماء مستعارة لكنه لم يعرهم اهتماما بل مضى قدما في انجاز حلمه وحلم كل من يحب عدن ويعشقها وهو الامر الذي قض مضاجع المشككين.

 وعودة الى ابواب "الولاية"؛ فقد استهل الباحث الباب الاول بالبدايات الاولى لتأسيس الادارة المدنية في ولاية عدن، قدم فيه القاضي نجيب عبدالرحمن شميري مدخلا فيه بلمحة دستورية قانونية للفترة من 1802-1968، وهو اعتراف من الباحث بمكانة القاضي الذي تبوأ رئيس المحكمة العليا لجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية وقاضي المحكمة العليا حاليا وصاحب باع طويل في القضاء والقانون.

ويستعرض الباحث في هذا الباب تأسيس القضاء في عدن 1841-1967م، وجملة من القوانين حيث يفيد بان اول طلب يتلقاه الكابتن (هينس) بعد احتلال عدن تقديم تقرير مفصل عن حال النظام القضائي في عدن كي لا تخالف الاعراف والقوانين السائدة.

بمعنى ان المستعمر او المحتل الاجنبي حرص منذ ان وطأت قدميه ارض غير ارضه على مراعاة الاعراف والقوانين السائدة، وليس العبث بها او تغييرها الى الاسوأ.

ثم في هذا الباب يتناول الباحث دور المقيم السياسي وعلاقته بحاكم بومباي وتكوين الجهاز القضائي فيما بعد ومقتطفات من قضايا واحكام من محاكم عدن في سنوات الخمسينيات والستينات، ومن خلال نشر تلك المقتطفات من القضايا والاحكام اراد الباحث ان يضع قضاء الامس وقضاء اليوم في الميزان ويقينا سيكون لصالح قضاء الامس.. الذي ابرز الباحث رجاله الاوائل من الانجليز والعرب امثال محمد ياسين خان والسيد تارا بوروالا وسلول والقريضي وانتهاء بالحازمي. انني بذلك لا اقلل من شأن القضاء اليوم الذي يضم ثلة من الرجال عفيفي اليد، ولكن الكثرة عبثوا بسمعة القضاء وكان لهم الغلبة في اعوجاج الميزان.

بلديات زمان وتعليم وصحة زمان

في الباب نفسه (الاول) يمضي الباحث بلال بإعطاء صورة متكاملة عن البدايات الاولى لتأسيس بلدية عدن 1900 - 1976 الذي تتصدره صورة لمكتب مستوطنة عدن في بداية القرن الماضي، ولأن الادارة المدنية اساسها النظام البلدي فقد زخرت عدن في ظل هذا النظام الذي احكم سيطرته على المدينة والضواحي والخدمات المقدمة للاهالي من مياه وكهرباء وصحة وطرق والبناء والعمران والمتنزهات يدير شؤونها مجلس بلدي اشبه بحكومة مصغرة ضمت في بداية التشكيل اسماء لامعة امثال محمد عبده غانم، عبدالرحيم لقمان سالم الصافي، سالم علوي  الكاف وخلف حسن علي، بالاضافة الى بريطانيين واجانب اخرين وافرد الباحث صفحتين باسماء الكفاءات الذين اخذوا على عاتقهم ادارة شؤون الصرح البلدي كما وردت في سجلات حكومة عدن.. انهم هامات وقامات افنت سنين عمرها في خدمة المدينة واهلها لهم من الابناء والاحفاد في عدن واخرون هجروها وبينهم من ورى الثرى في خلوده الابدي.

 

متعلقات
سجون الحوثي.. جرائم وانتهاكات على مرأى ومسمع من العالم
مؤسسة الصحافة الإنسانية ترصد وفاة 60 حالة وإصابة أكثر من 7 آلاف شخص خلال شهر فقط
التسرب المدرسي معضلة تهدد مستقبل الطالبات في ردفان
تقرير: "دثينة وقبائلها".. لا حياد في الحرب على الإرهاب
الأمم المتحدة تتهم جماعة الحوثي الانقلابية بعرقلة العمليات الإنسانية للشعب اليمني