فيما لاتزال الأوضاع المتردية للعمال الجنوبيين الذين سرحوا من أعمالهم بسبب خصخصة مصانعهم تحت مسمى قانون الخصخصة تزداد سوأ يوم بعد آخر, جراء تقاعس الجهات المعنية بالأمر ممثلة باللجنة الرئاسية لمعالجة قضية المبعدين الجنوبيين، حيث جاء قانون الخصخصة لتدمير المصانع وتقاسم ممتلكاتها وأراضيها لصالح قوى متنفذة بعد حرب 94 التي خسفت بآمال الكثيرين ودفع ثمنها عمال وعاملات هذه المصانع والمؤسسات التي يحنون اليوم لعودتها مؤكدين من أنها لم تعد قضية حقوق مسلوبة فقط.
مؤخرا قدمت منتجات تلك المصانع في معرض أقامه العمال الذين تولوا جمع المنتجات بالتعاون مع حملة أعيدوها والتي تبنت الفكرة التي قدمها عمال المصانع وقدمت جميع التسهيلات والامكانيات الممكنة لنجاح هذا المعرض الذي هدف إلى إحياء ذكرى منتجات المصانع والمؤسسات المخصخصة تحت شعار(حكاية مصانع) تأكيدا على التنوع في الانتاج والجودة التي كانت تزخا بها تلك المصانع وكذا دورها المهم في المساهمة برفع الاقتصاد الوطني والحد من البطالة, ويحتوي المعرض الذي سيستمر إلى 5يوليو على منتجات 22مصنع ومؤسسة.
تسريح قسري وبيع بأرخص الاثمان
صرخات العمال المدوية بعدن جراء انتهاك حقوقهم تحت مسمى قانون الخصخصة, وبيع المصانع ببخس الأثمان والاستيلاء على أراضيها تحت مسمى عدة, كانت أسوأ نتائجها التسريح والتقاعد القسري للعمال والعاملات الذين يقدر عددهم ما يقارب 14ألف عامل وعاملة, كما كان أيضا تدمير ممنهج لكل مقومات الدولة في الجنوب التي شهدت في أواخر السبعينات من القرن الماضي تطورا ملحوظ اقتصاديا واجتماعيا لامس حياة العمال والعاملات على حد سواء.
أعيدوها تحيي آمال العمال
قامت حملة أعيدوها منذ انطلاقتها الأولى بالعديد من الأنشطة واستطاعت أن تكسب الكثير من التأييد الشعبي والعمالي وهذا ما عكسته مشاركة الكثيرين في نشاطات الحملة من منظمات مجتمع مدني وعمال وأفراد كما لعبت وسائل الاعلام الدور الأكبر في إبراز هذه المشكلة أمام الرأي العام, ومع كل تلك الأنشطة التي أقيمت والمناشدات التي قدمت, إلا أن الاستجابة والتجاوب مع الحملة ومطالبها من قبل الجهات المعنية لا زالت ضعيفة سواء على مستوى قيادة المحافظة أو اللجنة الرئاسية المتواجدة في عدن لحل قضايا المبعدين على المستوى العسكري والمدني حد قولهم, كما جاءت التصريحات الأخيرة لناطق الرسمي للجنة الرئاسية ومفادها إن استمرار عدم تنفيذ قرار اللجنة وعرقلتها قد تعيد العمل إلى مربع الصفر هذا ما رفضته حملة (أعيدوها) كما أكدت وأسمت هذا الكلام بالوهم المغلف بآمال العمال فمع نزول كل لجنة تتفاقم المشكلة وتزيد من معاناة العمال وأسرهم.
منتجات عالقة في الذاكرة
يقول القائمون على الحملة إن الهدف الرئيس من أقامت هذا المعرض الذي جاء من معاناة العمال التي لاتزال بقيعة يحسبها الضمان ماء" التعريف بتاريخ هذه المصانع للأجيال الجديدة وإحياء الذكرى للأجيال القديمة و توليد فكرة لدى الصغار بحكاية" كان ياما كان" وكذا المناصرة لقضايا العمال والمصانع التي كانت رمزا للتطور والتقدم والقدرة على مجاراة العالم في تطوره حيث أصبحت اليوم من الفئة المستوردة, بعد ما كانت تنتج وتصدر بعض منتجاتها بجودة عالية.
اقبال كبير على المعرض
شهد إقبال كبير من مختلف شرائح المجتمع وفئاته العمري التي سعدت كثيرا بالمنتجات التي تم عرضها والشرح الذي قدم من قبل القائمين على المعرض لتوضيح الفكرة وأنواع المنتجات التي احتواها المعرض
عند نزول صحيفة الأمناء إلى المعرض التقت بالعديد من الزائرين الذين أبدوا ارتياحهم لمثل هذه الأعمال.
وقال الزائر فاروق إبراهيم: اعتبر هذا النشاط من الأنشطة البناءة القلية التي تصب في مصلحة المواطن والمدينة و ألا تقتصر على المساعدة من الآخرين وانتظار العون, وأضاف" والذي أسعدني في هذا المعرض أنه له بعد اقتصادي كما أعادنا بذاكرة إلى المنتجات التي لها جودة عالية يفتخر بها المواطن, التي أصبح اليوم يستورد بضائع بأسعار باهضة الثمن وقليلة الجودة إضافة إلى تنوع هذه البضائع التي تم عرضها من كهرباء وأدوات بناء وأغذية وأدوية وغيرها من المنتجات الأخرى.
وأضافت" الزائرة عهد جعسوس" مديرة دارة المرأة في صندوق الرعاية الاجتماعية" فكرة المعرض جاءت من معاناة كبيرة عانتها عدن وعمالها لمدة 20 عام من خلال تدمير جميع المصانع المنتجة في عدن هذه المصانع كانت من أشهر المصانع المنتجة في العالم باختلاف المنتجات التي كانت تنتجها ومن خلال تدمير هذه المصانع, تم تشريد العديد من الأسر تحت ما يسمى بالعمالة الفائضة وتخصيص هذه المصانع لصالح قوى ضخمة استطاعت أن تمد نفذها وسيطرتها في الجنوب" وأضافت" جعسوس" نتمنى من خلال هذه الفكرة أن تعاد هذه المصانع وتعتمد على الخبرات التى كانت موجودة فيها والعمل على الحد من البطالة الموجودة حاليا في عدن يتم ذلك من خلال توظيف الشباب بعد إعادة فتح تلك المصانع وإعادة منتجاتها كما كانت علية في السابق.
بعد سنوات طويلة من المعاناة والحرمان التي يتجرع مرارتها من سرحوا من أعمالهم لاتزال منتجات مصانعهم وبضائعها محفوظة لديهم وهو ما دفعهم لإقامة معرض متواضع يليق بها, تحدث في هذا الجانب منظم المعرض" رأفت علي" أحد عمال المصانع يقول: جاءت فكرة المعرض ليس لغرض تكسيب المال ولكن من أجل التعريف بالبضائع التي كانت قائمة في يوما ما وتم تدميرها رغم جودتها العالية التي تضاهي بجودتها منتجات عالمية, وكذا لثبات الرأي العام عن ما تم تدميره في مدينة عدن وفي حيات الكثير من أبنائها, وأضاف رأفت" كنا نعتمد على تلك المصانع والمؤسسات في القضاء على البطالة وإعالة الأسر للعمال والمواطنين المنتمين إلى هذه المصانع والمؤسسات التي أصبحت اليوم لا تستطيع أن تدير أمورها الحياتية والمادية أو حتى تعليم أبنائها حيث اضطرت بعض الأسر إلى إخراجهم من المدارس لعسر الحال, إضافة إلى ما كانت تقدمة تلك المصانع والمؤسسات لدولة حيث كانت ترفد الدولة بمليارات.
تقاعس الجهات المعنية
منذ بداية الوقفات الاحتجاجية المطالبة بحل مشاكل عمال المصانع المخصخصة لم تبادر الجهات المعنية لوضع حلول جدية لمشكلتهم.
تقول حليمة محمد المسؤول الاعلامي للحملة: عقب الوقفة الاحتجاجية الأولى التي نظمناها اجتمع بنا المستشار القانوني للأمم المتحدة (ينز كامبيك) وتم ضم ممثل للعمال في اللجنة الرئاسية لمعالجة قضايا المسرحين الجنوبيين، لكن حتى الآن لم نجد أي حل جدي.
وتضيف حليمة الناشطة الشبابية في الحملة: قرارات اللجنة الرئاسية لم تنفذ حتى اللحظة وهذا الكلام مرفوض، متسائلة: أين المنحة المالية المقدمة من دولة قطر والبالغة 350 مليون دولار؟.. وتؤكد في حالة اتخاذ اللجنة حلول جدية سيتم دعمها ماليا من مختلف الجهات.