أعلنت وزارة الداخلية الإسبانية اليوم الاثنين حالة الطوارئ بعد أن شهد معظم أنحاء شبه الجزيرة الإيبيرية انقطاعا في التيار الكهربائي. وأضافت الوزارة أن حالة الطوارئ ستطبق في المناطق التي تستدعي فيها الضرورة ذلك. وطلبت مدن مدريد والأندلس وإكستريمادورا من الحكومة المركزية تولي مسؤولية النظام العام فيها.
واجتاحت موجة شراء كل ما يخطر ببال الاسبان والبرتغاليين المذعورين بعد أن شلّ انقطاع التيار الكهربائي البلاد، وأغلق شبكات النقل.. "فنظفوا" رفوف المتاجر الكبرى وسط مخاوف من استمرار الفوضى لأيام. وتشكلت طوابير طويلة أمام المتاجر والبنوك، حيث سعى السكان والسياح جاهدين لتخزين الضروريات وسحب أكبر قدر ممكن من النقود وسط حالة من عدم اليقين.
واصطفت السيارات أمام محطات الوقود في صفوف طويلة، حيث كان الناس يأملون في ملء سياراتهم بالوقود.
كما تأثرت المطارات بانقطاعات الكهرباء، حيث تأخرت الرحلات الجوية وأُلغيت، وحذرت شركة الطيران الرائدة في البلاد "تاب إير" في البرتغال من السفر على متن رحلاتهم حتى إشعار آخر.
ومع تفاقم الوضع حثّ عمدة مدريد سكان المدينة على البقاء في أماكنهم، بينما دعا رئيس الحكومة الإقليمية للمدينة رئيس الوزراء الإسباني إلى تفعيل خطة طوارئ تسمح بنشر الجنود.
وقال مجلس السلامة النووية في إسبانيا الاثنين إن المفاعلات النووية السبعة في البلاد في حالة آمنة بعد انقطاع التيار الكهربائي. وتوقفت أربعة مفاعلات عن العمل تلقائيا بعد الانقطاع، وبعد ذلك تم تشغيل مولدات الطوارئ.
وأضاف المجلس أن مولدات الطوارئ بدأت العمل أيضا في ثلاثة مفاعلات توقفت لفترة عن العمل للحفاظ على سلامتها.
وانقطع التيار الكهربائي في إسبانيا حوالي الساعة 12:30 بالتوقيت المحلي الإثنين، مما أدى إلى غرق الملايين في الظلام.
وقال مسؤولون إن محطات الطاقة النووية في إسبانيا توقفت تلقائيًا، ولكن تم تفعيل مولدات الديزل للحفاظ عليها في "حالة آمنة". توقفت خدمات القطارات والمترو في كلا البلدين، حيث علق الناس في الأنفاق وعلى خطوط السكك الحديدية، مما أجبر السلطات على إجلائهم.
وحذّرت شركة تشغيل شبكة الكهرباء في البرتغال من أنه "من المستحيل" تحديد موعد استعادة إمدادات الكهرباء بالكامل، مضيفةً أنه على الرغم من "تسخير جميع الموارد" لحل المشكلات، فقد يستغرق الأمر ما يصل إلى أسبوع لإصلاحها.
قال سائح بريطاني لصحيفة "ميل أونلاين" إنه واجه صعوبة في الوصول إلى المطار. وقال: "يتشاجر الناس على سيارات الأجرة، والشوارع في معظمها متوقفة. الشرطة منتشرة عند التقاطعات، لكنهم في بعضها يقفون فقط دون توجيه، وفي أحيان أخرى يستخدمون صافراتهم لتوجيه حركة المرور". وأضاف: "قال سائق التاكسي إنه لن يحاول العودة إلى المدينة لأنه لا يعتقد أن ذلك سيكون قرارًا صائبًا. لقد أوصلنا وسيعود إلى منزله". وقال إنهم تمكنوا من الوصول إلى المطار، الذي كان لا يزال يعمل على مصدر طاقة احتياطي، لكن "الكثير من الخدمات مُغلقة للحفاظ على الطاقة". وأضاف: "يبدو أن خطوط الهاتف الأرضي معطلة، والفنادق تعاني من كثرة النزلاء الذين يطلبون المساعدة". "انقطعت شبكة الهاتف المحمول في المدينة".
وأفادت شركة تشغيل شبكة الكهرباء في البرتغال أن انقطاعات إمدادات الكهرباء في البلاد ناجمة عن "عطل في شبكة الكهرباء الإسبانية"، مرتبط بـ"ظاهرة جوية نادرة". وأضافت أن التقلبات الشديدة في درجات الحرارة على طول الشبكة أدت إلى "تذبذبات شاذة" في خطوط الكهرباء عالية الجهد - وهو تأثير يُعرف باسم "التقلبات الجوية المستحثة" - مما يؤدي إلى تذبذبات في الطاقة في جميع أنحاء الشبكة. ويؤدي هذا إلى عدم تزامن جهد وتردد بعض أجزاء الشبكة مع بقية الشبكة، مما يؤدي إلى تدفق طاقة غير منتظم أو مفرط إلى بعض المناطق، وإتلاف المعدات، والتسبب في انقطاعات واسعة النطاق للتيار الكهربائي.
يأتي انقطاع التيار الكهربائي بعد أيام قليلة من اعتماد شبكة الكهرباء الإسبانية بالكامل على الطاقة المتجددة، بما في ذلك طاقة الرياح والطاقة الشمسية والطاقة الكهرومائية، ليوم كامل لأول مرة في 16 أبريل. ويجري المسؤولون الإسبان تحقيقًا عاجلًا في سبب الانقطاعات، وقالوا إنهم يبحثون في احتمال أن يكون سببها هجوم إلكتروني مدمر.
تُظهر مقاطع فيديو على الإنترنت شبكات السكك الحديدية في المدن الإسبانية غارقة في حالة من الفوضى، حيث تم إجلاء الناس عبر الأنفاق حيث ضرب انقطاع التيار الكهربائي محطات المترو وتوقف القطارات.
كما انقطعت الكهرباء في أجزاء من فرنسا بعد انقطاعات الكهرباء في إسبانيا والبرتغال، وفقًا لما أكدته الشركة المشغلة لشبكة الكهرباء في البلاد. ووفقًا لأحدث المعلومات، تم الإبلاغ عن انقطاعات أخرى في مناطق بعيدة، مثل بلجيكا.
وقال متحدث باسم وكالة الأمن السيبراني التابعة للاتحاد الأوروبي في بيان: "نراقب الأمر برمته عن كثب، ولا يزال التحقيق جاريًا، ولم يُتأكد بعد ما إذا كان هجومًا إلكترونيًا".
وأعلنت الحكومة الإسبانية أنها تعمل على "تحديد مصدر" انقطاع التيار الكهربائي، حيث أفاد المسؤولون أنهم ما زالوا يجمعون الأدلة.
وساهمت المولدات الاحتياطية في تجنيب مستشفيات إسبانيا أسوأ حالات انقطاع التيار الكهربائي، وعلّق بعضها العمليات الجراحية غير الطارئة، إلا أن إمدادات الطاقة الطارئة أبقت المعدات الأساسية مثل أجهزة التنفس الصناعي وأجهزة مراقبة القلب قيد التشغيل.
ويبلغ عدد سكان الدولتين أكثر من 50 مليون نسمة. ولم يتضح على الفور عدد المتضررين.
وانقطاع التيار الكهربائي بهذا الحجم نادر الحدوث في أوروبا. ففي 2003، تسببت مشكلة في أحد خطوط الطاقة الكهرومائية بين إيطاليا وسويسرا في انقطاع التيار الكهربائي بشكل كبير في أنحاء شبه الجزيرة الإيطالية لمدة 12 ساعة تقريبا.
وفي عام 2006، تسبب الحمل الزائد على شبكة الكهرباء في ألمانيا في انقطاع الكهرباء في أجزاء من البلاد وفي فرنسا وإيطاليا وإسبانيا والنمسا وبلجيكا وهولندا وحتى المغرب.