دعا معهد الشرق الأوسط في واشنطن الإدارة الأميركية إلى استثمار الزخم الذي حققته العملية الجوية الأخيرة ضد جماعة الحوثي، عبر دعم هجوم بري تنفذه الحكومة اليمنية، محذرًا من أن وقف إطلاق النار الحالي قد يمنح الحوثيين فرصة لإعادة تنظيم صفوفهم.
وفي تقرير حديث أشار المعهد إلى أن العملية العسكرية "الفارس الخشن" التي نفذتها إدارة ترامب الثانية حققت مكاسب ميدانية مؤثرة، من بينها تدمير أكثر من ألف موقع حوثي ومقتل المئات من قيادات الجماعة، فضلًا عن تعطل خطوط الإمداد المالي والتسليحي نتيجة العقوبات الأميركية وتصنيف الحوثيين كمنظمة إرهابية.
لكن الباحثة في المعهد ندوى الدوسري حذّرت من أن وقف إطلاق النار المفاجئ قد يبدّد هذه المكاسب، ما لم تُواكبه خطوات حاسمة تشمل دعمًا ميدانيًا مباشرًا للجيش اليمني من قبل واشنطن، وتحفيز الشركاء الخليجيين على الانخراط الفعلي في المعركة.
سياسة "السلام عبر القوة"
استعرض التقرير التحول الجذري في سياسة ترامب خلال ولايته الثانية، حيث انتهج نهجًا أكثر صرامة تجاه أزمة البحر الأحمر، بدءًا من إعادة تصنيف الحوثيين كمنظمة إرهابية وفرض عقوبات على شبكاتهم الاقتصادية والعسكرية، وصولًا إلى إطلاق حملة جوية واسعة تحت اسم "الفارس الخشن" لإضعاف بنية الجماعة.
هدنـة تهدد المكاسب
بحسب التقرير، فإن الغارات الأميركية بحلول مايو كانت قد أحدثت شللاً في صفوف الحوثيين وخلقت مؤشرات على قرب هجوم بري. إلا أن إعلان وقف إطلاق النار في 6 مايو، والذي جاء عقب جهود دبلوماسية إقليمية وزيارات رفيعة المستوى إلى طهران، أثار قلقًا بشأن توقيته وجدواه.
وأوضح أن الحوثيين استخدموا التهدئة كتكتيك للبقاء في ظل الضربات الجوية القاسية، محذرًا من أن الجماعة قد تكرر سيناريو اتفاق ستوكهولم عام 2018، حين استغلت وقف إطلاق النار لتعزيز مواقعها ميدانيًا قبل العودة للتصعيد.
خطر العودة للواجهة
واعتبر التقرير أن أي فرصة تسمح للحوثيين بإعادة التموضع تعني تهديدًا استراتيجيًا طويل الأمد. ففي الوقت الذي أعلن فيه ترامب "استسلام" الجماعة، سارعت الأخيرة إلى نفي ذلك واحتفلت بما وصفته بـ"الانتصار على القوة الأميركية"، ما يعزز روايتها الدعائية وقدرتها على التعبئة.
ولفت إلى أن استمرار سيطرة الجماعة على موانئ ومناطق استراتيجية يمنحها القدرة على الحفاظ على شبكات التهريب التي تديرها بدعم من الحرس الثوري الإيراني، ما يمكّنها من استعادة قدراتها القتالية.
توسع إقليمي وتحالفات مقلقة
كشف التقرير عن مؤشرات على اتساع نفوذ الحوثيين خارج الحدود اليمنية، من خلال تعزيز علاقاتهم مع تنظيم القاعدة في جزيرة العرب، وحركات متطرفة في الصومال كحركة الشباب وداعش، بدعم إيراني مباشر، ما يجعلهم لاعبًا إقليميًا أكثر خطورة.
ودعا المعهد الرئيس ترامب إلى استغلال زيارته المرتقبة للمنطقة الخليجية لحث السعودية والإمارات على تقديم دعم عسكري مباشر للحكومة اليمنية، وتبنّي استراتيجية تهدف إلى حسم الصراع عسكريًا.
الملاحة في مرمى الخطر
في ختام التقرير، أكدت الباحثة يوليا سابينا جوجا أن تصاعد التهديدات الحوثية للملاحة الدولية في البحر الأحمر، إلى جانب مخاوف من تحركات مشابهة في مضيق هرمز، يستدعي تحركًا حازمًا. وشددت على أن الضربات الجوية وحدها غير كافية لردع الحوثيين، وأن حماية أمن الملاحة العالمية يتطلب القضاء على التهديد في منبعه.