كتب : علي صالح الربيزي
في 21 مايو 1994م، أطلق الرئيس علي سالم البيض إعلانًا سياسيًا وتاريخيًا شكّل منعطفًا حاسمًا في مسار القضية الجنوبية، حين أعلن من العاصمة عدن فك الارتباط مع الجمهورية العربية اليمنية، واضعًا بذلك الأساس القانوني والسياسي والدبلوماسي لاستعادة دولة الجنوب على حدودها المعترف بها دوليًا قبل وحدة عام 1990م.
جاء ذلك الإعلان بعد سنوات من الشراكة التي انحرفت عن أهدافها، وتحولت إلى واقع من التهميش والإقصاء ونهب الموارد، الأمر الذي دفع القيادة السياسية الجنوبية في حينه إلى اتخاذ موقف واضح وصريح يحفظ للجنوب هويته وسيادته، ويعبّر عن إرادة شعبه في تقرير مصيره.
إعلان 21 مايو لم يكن دعوة للفرقة، بل محاولة جادة لتصحيح مسار وحدة لم تُحترم شروطها، ولم تراعِ مبادئ العدالة والشراكة الحقيقية. وقد استند الإعلان إلى مرجعيات قانونية وسياسية واضحة، أبرزها مبدأ "الشعب مصدر السلطات"، وحق الشعوب في تقرير مصيرها المنصوص عليه في المواثيق الدولية، لاسيما عندما تتعرض إرادتها للإنكار والهيمنة.
لقد فتح هذا الإعلان الباب أمام نضال سياسي سلمي طويل، تبنّته المكونات الجنوبية بمختلف أطيافها، وساهم في ترسيخ الهوية الجنوبية وإحياء الذاكرة الوطنية، كما أعاد طرح قضية الجنوب على الطاولة الإقليمية والدولية، باعتبارها قضية شعب يسعى لاستعادة دولته وهويته.
واليوم، وبعد مرور أكثر من ثلاثة عقود على ذلك الإعلان، لا يزال 21 مايو حاضرًا في وعي الجنوبيين، باعتباره وثيقة تأسيسية نابعة من معاناة شعب وإرادة قيادة، وهو يشكّل مرجعية ثابتة في مسيرة السعي نحو الاستقلال واستعادة الدولة.
إنه يوم لا يُنسى في ذاكرة الجنوب... يوم أعلن فيه صوت الحقيقة أن الأوطان لا تُبنى على الظلم، وأن السيادة لا تُوهب، بل تُنتزع بإرادة الشعوب.