تعيش العاصمة عدن اليوم اسوا مراحلها في ظل اوضاع غير انسانية وظروف معيشية ماساوية تزداد تفاقما يوما بعد يوم فالصيف الحار ينهش اجساد المواطنين في ظل انعدام الكهرباء لساعات طويلة وغياب شبه تام للخدمات الأساسية من مياه وصحة وتعليم وقلق امني من الحريات والتعبير .
ما تعانيه عدن اليوم ليس مجرد ازمة خدمات، بل انهيار شامل ينذر بكارثة انسانية ما لم تتخذ خطوات شجاعة وعاجلة من قبل السلطات المحلية ومن المجلس الانتقالي الجنوبي.
لقد اصبحت حياة الناس ضنكا متواصلا، يفتقرون إلى الحد الادنى من الكرامة المعيشية ، اطفال يدرسون في مدارس متصدعة بلا مقاعد لو معلمين، مرضى يتركون يواجهون الموت في مستشفيات متهالكة بلا ادوية او طواقم طبية ومواطنون يختنقون من الحر في منازل بلا كهرباء تطاردهم أكوام القمامة وروائح المجاري الطافحة ومرض الضنك والملاريا .
ووسط هذا المشهد القاتم ينخر الفساد كالسوس في جسد المؤسسات بدءا من الموارد المالية والضرائب والواجبات وصندوق النظافة ورسوم التراخيص التي لا يعرف مصيرها، وانتهاء بممارسات الفساد في الخدمات العامة والتعينات العشوائية القائمة على المحاصصة والمناطقية لا على الكفاءة والاختصاص اما الاجهزة الرقابية فقد اكتفت بدور المتفرج الصامت، في مشهد يثير الاستغراب والحسرة معا.
ان المسؤولية الاولى تقع اليوم على المجلس الانتقالي الجنوبي بصفته القوة الحاكمة في عدن والواجب الوطني والاخلاقي يفرض عليه اتخاذ خطوات حقيقية لا مجرد بيانات اعلامية تبدا اولا باقالة المحافظ الحالي الذي فشل في إدارة شؤون العاصمة وتغيير مدراء العموم في المديريات واختيار كفاءات حقيقية لقيادة مكاتب الوزارات والمؤسسات الخدمية.
لا يمكن لعدن ان تنهض في ظل استمرار العشوائية والمحسوبية فالمطلوب اليوم اصلاح شامل وارادة سياسية صلبة تقطع مع الفساد وتمنح الناس الأمل في غد افضل مع تشكيل لجنة طوار مهنية تعمل على اعادة تشغيل منظومات الخدمات الأساسية ومراقبة شفافة للموارد المالية وإطلاق مبادرات مجتمعية تستنهض همم الشباب والكوادر المحلية.
عدن اليوم بحاجة الى اكثر من خطاب ، تحتاج إلى انقاذ عاجل إلى شجاعة في اتخاذ القرار والى ضمير حي يعيد الاعتبار لهذه المدينة العريقة وسكانها الكرام إن التاريخ لا يرحم والمسؤولية لا تقبل المساومة، فهل من مجيب؟