استهداف النساء بالمعلومات المضللة..واقع التزييف الرقمي وسبل المكافحة( تقرير)
تقرير/ آزال رأفت

 

 


في عصر السرعة، باتت المعلومات المضللة تنتشر بسرعة هائلة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، مما جعلها سلاحًا فعالًا يُستخدم في استهداف النساء، سواء كن ناشطات أو صحفيات، وفي مواجهة هذا السيل من الأكاذيب، تحاول النساء فضح الزيف، وفي الوقت ذاته يُصبحن ضحايا لحملات التشويه والمعلومات المضللة، فقد أصبحت منصات التواصل بيئة خصبة لانتشار المعلومات المضللة، التي كثيراً ما تُستخدم كأداة للهجوم والتشهير، خاصة ضد النساء الناشطات والصحفيات، على وجه الخصوص، أصبحن أهدافاً سهلة لهذا النوع من الحملات، حيث يتم استغلال الشائعات لتشويه سمعتهن، وتقويض مكانتهن المجتمعية والمهنية.

في هذا التقرير، نسلّط الضوء على مخاطر المعلومات الكاذبة، وآثارها على النساء، والمجتمع ككل، وأهمية دور الأسرة، والمجتمع المدني، والجهات الرسمية في التصدي لهذه الظاهرة.


عندما تصبح الشائعة أداة قمع

تقول المحامية والمساعدة القانونية المجتمعية صفاء عبدالكريم:
"تشكل جرائم التشهير والابتزاز ضد النساء تهديدًا خطيراً لحقوقهن، وغالباً ما تؤدي هذه الأفعال إلى آثار نفسية واجتماعية سلبية عميقة، من بينها فقدان الثقة بالنفس والانغلاق الاجتماعي."

وتتابع: "من المهم تعزيز الوعي بهذه القضايا، وتقديم الدعم القانوني والنفسي للضحايا، كما يجب على المجتمع أن يعمل على تغيير الثقافة التي تسهم في تقبّل مثل هذه السلوكيات، وتعزيز قيم الاحترام والمساواة بين الأفراد، هناك قوانين تعالج هذه الأفعال، إلا أن طبيعتها تختلف من بلد إلى آخر“.

وتختتم بالقول: "من الضروري وجود آليات فعالة لتطبيق هذه القوانين وتوعية النساء بحقوقهن، كما أن قانون الجرائم والعقوبات، وخصوصاً المادة (256)، يشير إلى عقوبة الاعتداء على الحرية الشخصية، إضافة إلى النصوص القانونية التي توضح العقوبات المقررة لهذه الجرائم."

الأسرة والمجتمع المدني.. بين التقصير والدور المنتظر

وتوضح الصحفية ريم الفضلي: "تضليل المعلومات شائع جداً، خاصة عندما يتعلق الأمر بالنساء من صحفيات وناشطات، استخدام هذا الأسلوب مدمر جداً لحياتهن، خصوصاً على مستوى الأسرة، حيث أن الكثير من الأسر لا تقف إلى جانب بناتهن عند مواجهة الشائعات والمعلومات المضللة المنسوبة إليهن، بسبب ضعف الوعي، خاصة بعد ظهور الذكاء الاصطناعي الذي أصبح متاحاً للجميع، وسهولة استخدامه جعلت منه أداة قد تُسبب ضرراً أكبر من نفعه."

وتؤكد الفضلي: "يجب أن يكون لمنظمات المجتمع المدني دور فعال في التوعية، من خلال إقامة ورش عمل وندوات، لتثقيف المجتمع بعدم الانجرار وراء المعلومات المضللة، وعدم التسرع في الحكم أو إلقاء اللوم على المرأة إذا تعرضت للتشهير أو نُسبت لها صورة سيئة على مواقع التواصل الاجتماعي،لا بد من التحقق قبل التصديق حتى لا نُحول المرأة إلى ضحية."

وتضيف الفضلي: "لا بد من مكافحة المعلومات المضللة من خلال عدم التسرع في إصدار الأحكام، وهنا يأتي دور الأسرة أولًا، كونها المرجع الأول للمرأة، ثم يأتي دور الجهات الأمنية يجب على الأمن تعزيز القوانين المتعلقة بالتشهير بالنساء عبر المعلومات المضللة، والنظر بجدية في القضايا التي تصل إليهم، بالإضافة إلى تقديم دورات تثقيفية للعاملين في هذا القطاع حول كيفية التعامل مع هذه القضايا ومواجهتها."

حملات المعلومات المضللة تستهدف النساء الناجحات


وتؤكد رئيسة تحرير صحيفة الوطن توداي”نور سريب“ أن "حملات التحريض التي تستهدف النساء الفاعلات في قطاع المجتمع المدني من مدافعات وصحفيات، تهدف إلى تعريض حياتهن للخطر أو نشر شائعات تمس سمعتهن الأخلاقية وهذه الحملات هدفها الأساسي هو تشتيت النساء عن مهامهن."

وتوضح سريب أن "هناك دائماً تضامناً من القطاع النسوي معهن، مما يزيد من الدعم النفسي ويعزز ثقتهن بأنفسهن، لكن هذا لا يعني غياب التهميش الواضح للنساء سواء من خلال استبعادهن من مواقع صنع القرار أو حرمانهن من اتخاذه، وهو ما يعود لأسباب سياسية."

وتضيف: "نحن على ثقة بأن للنساء دوراً كبيرا في القطاع المدني والميداني، وهذا ما أثبتته مساهماتهن خلال سنوات الحرب وحتى الآن ونحن ندعم النساء ونطالب بمنحهن الفرص لتولي المناصب وصياغة السياسات."


آثار انتشار المعلومات المضللة ضد النساء

لا يمكن إنكار الواقع الذي يعيشه مجتمعنا اليمني، حيث تُعد المرأة غالبًا الحلقة الأضعف، خاصة عندما تُنسب إليها معلومات مضللة، يؤثر ذلك عليها نفسياً بشكل كبير، إذ تعاني من القلق والخوف الدائم بسبب انعدام الثقة بها من قبل المحيطين بها، وغالباً ما تتعرض للإقصاء من وظيفتها أو تُجرد من منصبها، خصوصاً إذا كانت تتولى موقعاً قيادياً، نتيجة لنظرة المجتمع السلبية التي تتشكل حولها،كما قد تتعرض للتحرش أو الاعتداء بسبب الصورة المشوهة التي تُرسم عنها، وقد تمتد آثار هذه المعلومات لتطال سمعة أسرتها وأطفالها، وفي بعض الحالات، تؤدي هذه الضغوط إلى تفكك الأسرة حيث تُواجه المرأة الطلاق والتشريد وتعيش تحت وطأة الحزن والاضطراب النفسي، مما قد يدفع بعضهن إلى التفكير في الانتحار.


حرب المعلومات ضد النساء.. الوجه المظلم للفضاء الرقمي

تتنوع وسائل التواصل الاجتماعي وتتسارع وتيرتها، ومع ظهور تقنيات الذكاء الاصطناعي مؤخرًا، أصبحت هذه الأدوات متاحة للجميع لكن للأسف يستغلها البعض لأغراض سلبية، مثل مهاجمة النساء وتشويه سمعتهن من خلال نشر الأكاذيب، وتزييف الصور، والتلاعب بالفيديوهات، وغيرها من الوسائل التي يستخدمها أصحاب النفوس الضعيفة، تُستغل المنصات الاجتماعية لما تتميز به من سرعة انتشار، إلى جانب المواقع الإخبارية الصفراء أو الوهمية، لتلفيق تصريحات وأكاذيب، خاصة إذا كانت المرأة تشغل منصباً مهماً أو تنشط في مجالات عامة مثل الصحافة أو حقوق الإنسان كما تُستخدم المنتديات والمجموعات المغلقة لتبادل المعلومات المضللة والتنسيق لعمليات استهداف منظمة، غالباً من قبل جهات أو مجموعات متطرفة معادية للنساء، كل هذه الأشكال من التضليل تدور حول هدف مشترك وهو إسكات النساء وتقويض مشاركتهن في الحياة العامة، ودفعهن إلى الانعزال أو البقاء في دائرة مغلقة داخل المنزل.

توصيات

المرأة شريك فعال في المجتمع، وتسهم في ازدهار وتطوير بيئة عملها، ويجب أن يتحلى الجميع بالمسؤولية تجاه أي مؤامرات أو معلومات مضللة تستهدف المرأة وتسعى إلى تحطيمها، وعلى منظمات المجتمع المدني أن تكثف جهودها، وأن تجعل قضية المرأة في مقدمة أولوياتها، من خلال توعية المجتمع عبر دورات وورشات توعوية، وتوسيع نطاق هذه الحملات لتصل إلى الجهات الأمنية وتوعيتها بضرورة التعامل الجاد عند ورود قضايا تتعلق بالمرأة ومعلومات مضللة بحقها، كما يجب توعية الأهالي بأهمية دعم بناتهم، وتشجيعهن على أن يكن قويات، واثقات بأنفسهن، لا يخشين الأكاذيب ولا يتأثرن بالأقاويل المغرضة، ومن المهم أيضاً أن نعمل على بناء بيئة رقمية آمنة، يتم فيها رصد المحتوى المضلل بشكل سريع، والتبليغ عنه دون تردد، مع تعزيز ثقافة "التحقق قبل النشر" لدى جميع المستخدمين.
 

متعلقات
تصاعد التوتر في صنعاء بعد دخول مسلحين من قبائل الحدا احتجاجًا على اختطافات وجبايات حوثية
 باريس سان جيرمان يُسقط إنتر ميلان بخماسية ويتوج بطلا لدوري أبطال أوروبا
تنفيذية انتقالي غيل باوزير تؤكد أهمية تعزيز الوعي السياسي والمجتمعي بالمديرية
"كاك بنك" يحتفي بأبطال النورس الحائزين على لقب بطل العرب في البطولة العربية للروبوت 2025
إطلاق حملة إلكترونية تكشف تحالف إخوان اليمن مع التنظيمات والكيانات الغير شرعية