يُحيي العالم في الثاني عشر من يونيو من كل عام اليوم العالمي لمناهضة عمل الأطفال، في مسعى لتسليط الضوء على المآسي التي يتعرض لها ملايين الأطفال حول العالم، ممن يُجبرون على ترك مقاعد الدراسة والانخراط في سوق العمل في سن مبكرة، غالبًا في ظروف قاسية ومهينة.
لكن في اليمن، هذا اليوم لا يحمل سوى مرآة قاتمة لواقع يتدهور عامًا بعد عام. فالطفولة في هذا البلد المُنهك بالحرب، لم تعد تعني اللعب والتعليم والأمان، بل أصبحت عنوانًا للفقر، النزوح، الاستغلال، والتجنيد القسري..
أرقام مؤلمة وواقع مأساوي
--------------------------------
تشير تقارير الأمم المتحدة إلى أن أكثر من 1.4 مليون طفل يمني منخرطون في سوق العمل، وقرابة 34% من الأطفال بين 5 و17 عامًا يعملون في مهن شاقة مثل الزراعة، البناء، العمل في الورش بأنواعها ,مرافقة لقوارب الصيد ..وحتى التسول.الأسوأ من ذلك، أن آلاف الأطفال قد تم تجنيدهم من قِبل أطراف النزاع المسلح، حيث وثّق فريق الخبراء الأممي أكثر من 4,000 حالة تجنيد لأطفال بين 2015 و2023، في حين يُرجّح أن الأرقام الحقيقية أعلى من ذلك بكثير بسبب صعوبة التوثيق.
من بين أخطر العوامل التي تغذي هذه الظاهرة في اليمن، هو انهيار قطاع التعليم. فقد تسببت الحرب في تدمير آلاف المدارس، ونزوح الملايين من الأسر، وحرمان أكثر من 2 مليون طفل من التعليم، بحسب تقارير منظمة اليونيسف اي بمعنى آخر أصبحت المدرسة غائبة... والتعليم في أزمة.
وتفاقمت الأزمة مع استمرار إضرابات المعلمين نتيجة انقطاع الرواتب منذ سنوات، وهو ما أدى إلى شلل شبه كامل في العملية التعليمية في كثير من المناطق. وهكذا، يجد الأطفال أنفسهم خارج أسوار المدارس، يتجهون نحو العمل أو يُزج بهم في النزاع.
قوانين لا تُنفذ.
-----------------
رغم أن اليمن صادق على اتفاقيات دولية تُحرّم عمل الأطفال وتجرّم تجنيدهم، مثل اتفاقية العمل الدولية رقم 138 و182، ورغم وجود قانون حقوق الطفل اليمني رقم 45 لعام 2002، الذي يحدد سن العمل بـ14 عامًا - بشروط وان تكون تحت رقابه أبويه. - إلا أن غياب الدولة وانهيار مؤسساتها جعل هذه النصوص بلا معنى في الواقع اليومي.
ومع تجاوز نسبة الفقر في اليمن 80% من السكان، وانهيار العملة وارتفاع الأسعار، باتت الأسر تدفع بأطفالها للعمل لتأمين الحد الأدنى من المعيشة. ومع انعدام البدائل، يزدهر استغلال الأطفال في بيئات خطرة وغير صحية.
ختاما ..
*يأتي اليوم العالمي لمناهضة عمل الأطفال هذا العام في وقت يحتاج فيه أطفال اليمن إلى أكثر من مجرد التضامن الرمزي. إنهم بحاجة إلى تحرك حكومي فعّال يضمن استعادة التعليم، دعم الأسر الفقيرة، وقف تجنيد الأطفال، وتطبيق القوانين التي تحميهم .
فكل يوم يتأخر فيه الحل، يُسرق مزيد من أحلام الطفولة ويُدفن معها مستقبل وطن بأكمله ، وليكن يوم 12 يونيو دعوة للعمل وليس للاحتفاء.
أنقذوا الطفولة قبل أن تُمحى من وجوه الصغار إلى الأبد."
منى علي سالم البان
مدير عام وحده حمايه الاطفال العاملين