تصاعدت حدة التوتر بين إسرائيل وإيران بشكل غير مسبوق، مع إعلان إسرائيل صباح الثلاثاء عن تصفية علي شادماني، قائد مقر خاتم الأنبياء المركزي، الذي وصفته بـ"رئيس أركان الحرب في إيران"، وذلك في غارة جوية دقيقة وسط طهران.
جاء هذا الإعلان بالتزامن مع تحذير شديد اللهجة من وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، للمرشد الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي، بأنه قد يلقى مصيرًا "مماثلاً" لمصير الرئيس العراقي السابق صدام حسين.
وقال كاتس في اجتماع لتقييم الوضع "أحذر الديكتاتور الإيراني من الاستمرار في ارتكاب جرائم الحرب وإطلاق الصواريخ على المدنيين الإسرائيليين".
وأضاف كاتس وفق ما ورد في بيان صادر عن مكتبه "ينبغي عليه (خامنئي) أن يتذكر ما حدث للديكتاتور في الدولة المجاورة لإيران (العراق) الذي سلك الطريق نفسه ضد دولة إسرائيل".
وأطيح بالرئيس العراقي الراحل صدام حسين في العام 2003 ثم قُبض عليه وحوكم قبل أن يتم إعدامه في ديسمبر 2006.
ويُعد مقتل علي شادماني، الذي شغل منصب رئيس أركان الجيش الإيراني في زمن الحرب ومساعد كبير لخامنئي، ضربة قوية لإيران، فقد تم تعيينه في هذا المنصب الجمعة الماضي بعد أن قتلت إسرائيل سلفه في ضربة إسرائيلية.
وينضم شادماني إلى قائمة من كبار القادة العسكريين الإيرانيين الذين تم استهدافهم منذ أن بدأت إسرائيل حملتها الجمعة، بمن فيهم القائد العام للحرس الثوري الإسلامي حسين سلامي، ورئيس أركان القوات المسلحة محمد باقري، اللذان قُتلا في الجولة الأولى من الضربات، في عملية تذكر بكيفية استهداف الجيش الإسرائيلي لشخصيات كبيرة من حزب الله في لبنان وحماس في غزة.
وأكد كاتس في البيان أن "يد إسرائيل الطولى ستصل إلى كل عدو وفي كل مكان"، مضيفًا "سنواصل اليوم أيضًا استهداف أهداف للنظام وأهداف عسكرية في طهران كما فعلنا بالأمس (الاثنين) ضد هيئة الإذاعة والتلفزيون التي تُستخدم للدعاية والتحريض".
وتحمل تصفية شادماني رسالة مفادها بأن خيارات إسرائيل مفتوحة على كل الاحتمالات، حيث تؤكد هذه العملية العسكرية الدقيقة في قلب طهران قدرة إسرائيل على الوصول إلى أهداف حساسة، وتوحي بأنها لن تتردد في استخدام كافة الوسائل للتعامل مع التهديدات الإيرانية.
وتحدث تصفية القيادات العسكرية الإيرانية البارزة اضطرابًا كبيرًا في سلسلة القيادة والتحكم، وتتسبب في فقدان خبرة حيوية ضرورية لتخطيط العمليات المعقدة. هذا الإرباك يعيق التنسيق الفعال بين مختلف الأذرع العسكرية ويضعف قدرة النظام على اتخاذ القرارات الحاسمة في أوقات الأزمات.
ويتجاوز التأثير الجانب العملياتي ليشمل الروح المعنوية للقوات وشعورها بالأمان، مما قد يؤدي إلى تعديلات استراتيجية لمواجهة الثغرات الأمنية المكشوفة. كما تضع هذه الاغتيالات ضغطًا على النظام الإيراني، وقد تدفع إلى تغييرات في نهجه العسكري أو حتى في طبيعة الردع.
ويأتي هذا التصعيد في الوقت الذي تواصل فيه إيران إطلاق صواريخ على إسرائيل.
وقال الحرس الثوري الإيراني الثلاثاء إنه استهدف مركزا لجهاز الاستخبارات الخارجية الإسرائيلي (موساد) في اليوم الخامس من المواجهة العسكرية مع إسرائيل.
وفي بيان تلي عبر التلفزيون الرسمي، قال الحرس الثوري إنه "ضرب مركزا للاستخبارات العسكرية لجيش الكيان الصهيوني أمان ومركز تخطيط العمليات الإرهابية للنظام الصهيوني للموساد في تل أبيب. وتندلع النيران في المركز راهنا".
في المقابل، صرح مسؤول عسكري إسرائيلي اليوم الثلاثاء أن إسرائيل قصفت عشرات الأهداف المرتبطة ببرامج إيران النووية والصاروخية البالستية الليلة الماضية، مما دفع القيادة العسكرية الإيرانية إلى محاولة "الهرب".
وأكد المسؤول، الذي طلب عدم ذكره بالاسم، أن سلاح الجو الإسرائيلي لم يستهدف منشأة فوردو النووية الإيرانية تحت الأرض، لكنه قال إن ذلك ربما يحدث. مشيرا إلى أن إسرائيل تتخذ احتياطات لتجنب التسبب في كارثة نووية.
وذكر المسؤول أن إيران أطلقت حتى الآن نحو 400 صاروخ باليستي ومئات الطائرات المسيرة على إسرائيل، مستهدفة مواقع مدنية وعسكرية. وقال إن الانخفاض في عدد الصواريخ التي تطلق خلال الليل يُظهر أن إسرائيل نجحت في إضعاف قدرة إيران على إطلاق الصواريخ.
وقُطعت محادثات مجموعة السبع بعد أن اضطر دونالد ترامب للعودة إلى واشنطن العاصمة لحضور اجتماعات أزمة بشأن الصراع الإيراني.
واتهمت إيران الثلاثاء مجموعة السبع بالانحياز منتقدة عدم تنديدها بالضربات الإسرائيلية على الجمهورية الإسلامية، لكنها دعت رغم ذلك إلى خفض التصعيد.
وقالت مجموعة الديمقراطيات الغربية الكبرى، صدر في ختام اليوم الأول من القمة المنعقدة في كاناناسكيس بكندا، إن إيران هي "المصدر الرئيسي لعدم الاستقرار والإرهاب في المنطقة"، وأكدت حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها.
وكتب المتحدث باسم الخارجية الإيرانية إسماعيل بقائي على إكس أن "على مجموعة السبع التخلي عن خطابها الأحادي ومعالجة المصدر الحقيقي للتصعيد: عدوان إسرائيل" مضيفا أن "إيران تدافع عن نفسها بوجه اعتداء وحشي. هل أمام إيران حقا خيارات أخرى؟".
ويأتي هذا التوتر غير المسبوق بعد أن بدأت إسرائيل هجماتها على إيران الجمعة الماضي، مستهدفة منشآت نووية وعسكرية ومدنًا، بالإضافة إلى علماء ذرة بارزين وقادة رفيعي المستوى. وردا على ذلك، شن الحرس الثوري الإيراني هجمات صاروخية على إسرائيل، مما ينذر بمزيد من التصعيد في المنطقة.