في الأوطان التي تناضل من أجل الحرية، لا تُولد القيادات في القصور، بل في الميدان. وهناك رجال تصنعهم المرحلة، ورجال يصنعون المرحلة. والرئيس القائد عيدروس قاسم الزبيدي، واحدٌ من هؤلاء القلائل الذين لم يطلبوا الزعامة، بل جاءت إليهم، لأنهم وحدهم من حملوا ثقل القضية الجنوبية يوم هرب الكثيرون.
ليس غريبًا أن يتعرض القائد الزبيدي للاستهداف، فكل من حمل مشروع وطن، وواجه مشاريع التبعية، يصبح هدفًا مشروعًا لقوى لا تريد لهذا الجنوب أن ينهض، ولا أن يستقل بقراره.
لكن المستغرَب – والمؤلم – أن تأتي سهام الطعن أحيانًا من أقرب الصفوف، من بعض من خذلتهم بصيرتهم، فصاروا يُحمّلون القائد وحده نتائج التعقيدات السياسية التي فرضتها تقاطع المصالح الإقليمية والدولية، وكأنهم نسوا أن هذا الرجل حمل روحه على كفّه، وقاد معركة التحرير، وواجه أعقد ملفات الصراع وهو في قلب العاصفة، لا على مقاعد المراقبة.
الرئيس الزبيدي ليس "صنمًا" يُقدّس، ولا يطلب ذلك. لكنه رمز لمشروع تحرري عظيم، وضربه هو ضرب للثقة الشعبية، ولروح المقاومة، ولمنظومة الجنوب بأكملها.
فهل نُسلّم رموزنا لألسنة الإحباط؟
وهل نُكافئ صبر القائد وحنكته السياسية – التي جنّبت الجنوب كثيرًا من التصادمات – بالتشكيك والسخرية؟
نقول للجميع: عيدروس الزبيدي ليس فوق النقد، لكن استهدافه الشخصي والإساءة لتاريخه النضالي النقي ، هو طعن في شجرة الجنوب من جذورها.
هذا الرجل لم يكن يومًا عدوًا للسلام، لكنه لم يفرّط بشبرٍ من الجنوب. لم يكن يومًا خصمًا للشرعية، لكنه لم يساوم على كرامة شعبه.
وإن كنا نمرّ اليوم بظروف صعبة، فإن المسؤولية لا تقع على فرد، بل علينا جميعًا – في الميدان، والإعلام، والسياسة – أن نكون عونًا لا عبئًا، حزامًا لا خنجرًا.
عيدروس الزبيدي سيبقى رمزا في قلب كل جنوبي حر، ليس بمنصبه، بل بثقة الشعب فيه، بتاريخه النضالي، برمزية المرحلة التي يحملها على كتفيه رغم ثقلها.
ولمن يراهنون على إنهاك هذا القائد، نقول:
كلما اشتدّ الاستهداف، اشتدّ الالتفاف.
وكلما اشتدت الريح، تماسك الجذع.
فالرجال يُعرفون في العواصف، لا في الهدوء.
فليعلم القاصي والداني: إذا اهتزّت الجبال، بَقِي الزبيدي شامخًا ثابتًا، وإذا سقطت الأقنعة، بقي هو الوجه الذي لا يُباع ولا يُشترى... لأنه ليس مجرد قائد، بل جدار الوطن الأخير، ومن يفكر في إسقاطه، كمن يهدم المعبد على الجميع