وجدت إيران في المناطق اليمنية الخاضعة لسيطرة ، بديلًا مناسبًا لخلق بيئة تماثل ما كان يوفره لها النظام السوري السابق، من خلال ممارسة أنشطة تجارية غير مشروعة.
وتتمثل هذه الأنشطة بشكل أساسي في إنتاج الحبوب المخدرة وتهريبها بهدف إغراق السوق العربية.
وعقب خسارة النظام الإيراني نفوذه في سوريا بسقوط نظام الأسد، حوّل وجهته صوب اليمن، معتمدًا على ذراعه الحوثي، الذي بات يعد في الوقت الراهن الحليف الأبرز لطهران.
وجرى في هذا الإطار إنشاء مصنع لإنتاج الحبوب المخدرة، وتحديدًا الكبتاغون، في محافظة المحويت (شمال غرب اليمن) الواقعة ضمن نطاق نفوذ الميليشيا القسري.
مدير أمن العاصمة اليمنية المؤقتة عدن، اللواء مطهر الشعيبي، تحدث عن هذه التفاصيل في تصريحات مرئية أدلى بها مؤخرًا، كاشفًا عن تحقيقات أُجريت مع شخصية تحمل جنسية عربية.
وقال إن التحقيقات أظهرت أن النظام الإيراني أنشأ بالتعاون مع الحوثيين مصنعًا لإنتاج الحبوب، "لتعويض المشروع الذي انهار في سوريا".
وعدّ اليمنيون هذا الأمر تطورًا خطيرًا في مسار التدخلات الإيرانية في اليمن، لافتين إلى أن مشروع طهران في اليمن يتجاوز كونه مجرد بديل لها عن سوريا، إذ ترى في اليمن امتدادًا استراتيجيًّا لخطة أكثر اتساعًا تهدف إلى تحقيق نتائج أطول ديمومة، وأوقع أثرًا، وأكثر ربحًا.
وقال وكيل وزارة الإعلام في الحكومة اليمنية فياض النظام، إن "طهران لم تكتفِ بتسليح الميليشيات أو تصدير الفوضى الطائفية، وإنما انتقلت إلى مرحلة أكثر خطورة تتمثل في حرب تستهدف تدمير المجتمعات من الداخل عبر الإدمان وتفكيك النسيج الاجتماعي".
وأضاف النعمان، خلال حديثه لـ"إرم نيوز"، أن "الضغوط الدولية والإقليمية على إيران وأذرعها في المنطقة، دفعت النظام الإيراني إلى البحث عن بدائل أكثر أمانًا وأقل تكلفة، فمناطق سيطرة الميليشيات الإرهابية الحوثية باتت بيئة مثالية لتكرار السيناريو الإيراني في لبنان وسوريا بتصنيع المخدرات وتوزيعها".
ويرى النعمان أن المشروع الإيراني في اليمن يمثل "خطة أوسع تهدف إلى السيطرة على الممرات البحرية، وضرب أمن واستقرار الجزيرة العربية، ودعم اقتصاد الحرب الخاص ب الإيراني".
وذكر الوكيل اليمني أن "إيران تعتمد على المخدرات كأداة مزدوجة، بوصفها أداة تمويل وأداة تدمير"، مشيرًا إلى أن "تجارة المخدرات تمثل أحد المصادر الرئيسة لتمويل أنشطة الحرس الثوري الإيراني، خاصة في ظل العقوبات الاقتصادية المشددة على طهران".
ولا يستبعد النعمان أن ما تقوم به إيران في اليمن يجسد مخططًا ممنهجًا وفق خطط مرحلية، يعتمد في الأساس على الجريمة المنظمة كسلاح سياسي وأمني.
ودعا إلى تكثيف العمليات الاستخباراتية لاستهداف مواقع الإنتاج والتخزين، وضرب خطوط الإمداد التي تديرها الميليشيات الحوثية الإرهابية بالتنسيق مع إيران، سواء داخل اليمن أو عبر المنافذ البحرية والبرية.
وتشير معلومات حصلت عليها "إرم نيوز" إلى اعتماد ميليشيا الحوثي منذ ما قبل الانقلاب على تهريب المخدرات، سواء إلى السوق المحلية أو تمريرها إلى دول المنطقة، إذ يعتمد الحوثيون على المتاجرة بالمخدرات لتحقيق تمويل مالي يدعم بصورة رئيسة أنشطتهم الحربية.
بدوره، قال الباحث الاقتصادي ماجد الداعري، إن تجارة المخدرات وغسيل الأموال والاتجار بالممنوعات من أبرز مصادر التمويل المالي لإيران ومحورها، سواء ما يتعلق ب أو النظام السوري السابق أو الحوثيين.
وأضاف الداعري في تصريح لـ"إرم نيوز" أن "تقارير منظمات دولية إلى أن عائدات المخدرات تحتل المرتبة الثانية بعد تجارة الأعضاء البشرية من حيث الأرباح على مستوى العالم، وبالتالي فإن المحور الإيراني يعتبر تجارة المخدرات من أهم مصادر التمويل لكافة أطرافه".
وأشار الداعري إلى أن "إيران تعتبر اليمن منفذًا بالغ الأهمية وبوابة عبور رئيسة للصفقات الكبرى من المخدرات، ويتم تهريبها عبر الأراضي اليمنية نحو وجهات متعددة، وأغلب العمليات التي يتم ضبطها، سواء في عدن أو محافظات أخرى، ليست سوى نقاط عبور لصالح الحوثيين، وليست أسواقًا محلية للاستهلاك".
وقال: "الحوثيون مهتمون بشكل كبير باستخدام المخدرات كوسيلة للتهريب والتجارة نحو الدول المجاورة، بهدف تحقيق عوائد مالية ضخمة".
وأكد الداعري أن "اليمن، بموقعه الجغرافي وتعدد منافذه البحرية والبرية، يُشكّل بيئة مناسبة لهذا النوع من النشاط".
وبحسب الداعري، فإن الحوثيين يتولّون مهمة تهريب المخدرات وتوزيعها عبر شبكة مهربين خاصة بهم، سواء أكان برًا عبر الصحارى، أم بالتنسيق مع شبكات تهريب دولية.
وأوضح أن "هذا النشاط ليس وليد اليوم، بل يعود إلى أيامهم الأولى في صعدة، خلال مرحلة صعود حسين الحوثي، حيث اعتمدوا على تجارة المخدرات كمصدر تمويل رئيس".