هناك الكثير من القادة في إدارات الشركات والمؤسسات يقضون وقتًا أطول خلف مكاتبهم لرسم الخطط والبرامج، دون النزول إلى معرفة ما يدور في مكاتب الطبقة الوسطى والدنيا، ويسارعون إلى الاجتماعات لشرح الخطط والبرامج ومهام العمل المستقبلية، ويرغبون في إنجازها، ويتناسون أن القيادة متعلقة بالناس، فبدونهم تصبح لا أحد معك، وتسير بمفردك وحيدًا. إن القيادة متعلقة بالناس، فالعلاقات هي أساس القيادة، ومن يعتمد على مهاراته وكفاءته أو موقعه القيادي ويتجاهل مكوّن العلاقات، قد يستدير إلى خلفه يومًا فلا يجد أحدًا يتبعه. فالقيادة تعتمد على السمعة الحسنة، بما تعنيه الكلمة من التزام وإخلاص في مساعدة كل من يتبعونك. فالقائد الحقيقي هو من يكتشف طبيعة من يقودهم، ويساعدهم على اكتشاف قدراتهم الكامنة والوصول إليها، ويدلهم على الطريق ليصبحوا في حال أفضل مما كانوا عليه، وأن يكون نموذجًا يُحتذى به.
كان عام 2008م بداية تأسيس شركة KBC التي تعمل في السوق حاليًا وتنمو بخطى ثابتة منذ تأسيسها، فكان الأمر يتطلب مني مجهودًا كبيرًا مضاعفا ومغامرة في تجربة جديدة. وكان اختياري لجميع الموظفين من الذين لم يسبق لهم العمل في هذا المجال، ولا توجد لديهم خبرة أو أدنى معرفة مسبقة، لأنني تعمدت ذلك، وتجنبت ذوي الخبرة في هذا المجال. لكنني تحملت على عاتقي تدريبهم وتأهيلهم، فكنت أعطي التوجيهات اليومية و المحاضرات لهم أسبوعيًا كل مساء ونصف شهري، مع تواجدي وحضوري معهم في السوق حتى أفهم متطلبات العملاء وأنقلها اليهم بشكل أسهل مع فهم مايتطلبه السوق لتطوير منتجات جديدة وتطوير منتجاتنا وعندما انتقلنا إلى مستوى التطوير وفتح فروع جديدة للشركة، خصّصت وقتًا اضافيا للتواصل مع الموظفين ومتابعة العملاء بشكل مستمر ومكثف ، وساعدتنا هذه الطريقة في بناء علاقات متينه وقوية مع العملاء. وكان الاهتمام من قبلي بالموظفين والعملاء على حد سواء. أتذكر أنني قرأت مقالًا سابقًا يقول: ان القادة الذين يعتنون بالعمل دون الموظفين، ينتهي بهم الأمر غالبًا إلى فقدان الموظفين والعمل."
ولهذا أدركت أن المهم هو وجود توازن بين الاهتمام بالعمل والاهتمام الشخصي والمهني بالموظفين لأن ذلك يُظهر ما في قلبك من إنسانية. ويكون الاهتمام الشخصي أعمق من ذلك، فعندما تتواجد بين الموظفين، ستعرف متى تكون الأمور على ما يُرام، ويزداد حدسك وفهمك بمايجري من حولك في الطبقة الوسطى والدنيا فعندما يحدث أمر خاطئ، سوف تلتقطه بسرعة. وعندما يبدأ أي شخص بالابتعاد عنك فجأة، فإن ذلك يعني ما يمتنع الناس عن قوله؛ فهو يدل على شيء ليس على ما يُرام. ولهذا، تمهّل، وستجده بين أروقة مكتبك وعملك، وبين ملفاتك المُهملة التي لم تهتم بمراجعتها أولًا بأول، إذا كان إشرافك ومتابعتك غير جيدة. ومع مرور الوقت وتوسع الشركة وزيادة العملاء، سوف يظهر جيل من الموظفين القدامى المخضرمين ممن يستغلون العمل ومواقعهم لصالحهم نتيجة الثقة، ويبدأون بنشر التذمر والشكوى لإخفاء جزء من العمل لمصلحتهم الشخصية. ويسخّرون الوقت لما هو للعمل وما هو تحت مسؤوليتهم لصالحهم، ويستغلون الثغرات التي أتيحت لهم نتيجة الثقة وغياب المتابعة والمراقبة والمحاسبة من القائد. وعندما يُكتشف ذلك يكشفون عن الاقنعة التي كانت ورى التحريض والتذمر ويبدأ الموظف النشاز في البحث عن القوانين والثغرات لتسخيرها في الدفاع عن نفسه . ويبدا ينتهز الفرصة لابتزاز الشركة. وهؤلاء يتناسون كلما قدّمته الشركة لهم من تأهيل وتدريب وحوافز ومكافآت وامكانيات ولهذا يظهرون عدم احتياجهم لوظائفهم والتخلي عنها باسلوب وقح لايمت للعمل باي صفة .
6/7/2025