بقلم : محمد الكازمي
في السابع من يوليو، لم تكن الأرض تهتز تحت وقع جيوش الغزو فحسب، بل كانت الروح الجنوبية تولد من جديد، أقوى وأصلب من أن تُكسر، وفي هذا اليوم الأسود في تاريخ الجنوب حاول المحتل أن يُطفئ صوت الحرية فإذا بالشعب يشعل شرارة الثورة، ومن رحم الظلم خرجت صرخة مدوّية، تقول للعالم: "هنا جنوب لا يُحتل... هنا شعب لا يُكسر".
إنها الذكرى الثامنة عشرة لانطلاق ثورة الجنوب التحررية، الثورة التي خرجت من عمق الألم لتصنع الأمل، ومن بين ركام الاحتلال لتبني مشروع الدولة الحرة الكريمة، ثورة رفضت الخضوع وكشفت زيف المحتل، وصمدت رغم كل القمع، ورغم كل محاولات الإخضاع والتشويه والتآمر.
في هذا اليوم، نُجدد العهد مع أرواح شهدائنا الذين ارتقوا وهم يحملون حلم الدولة الجنوبية المستقلة، نُجدد عهد الوفاء لأولئك الذين روت دماؤهم الطاهرة تراب الوطن، وزرعوا فينا الإصرار بأن نستكمل المسيرة مهما كانت التضحيات.
كيف ننسى ملاحم الصمود التي سطّرتها ردفان والضالع، وساحات عدن وأبين، وتخوم حضرموت ولحج وشبوة؟ كيف نغض الطرف عن شعب قال "لا" حين ارتجف الجميع، ووقف حين سقط الآخرون؟
ستبقى ثورة الجنوب، رغم كل التآمر، شعلة متقدة لا تنطفئ، لأنها لم تكن حدثًا عابرًا، بل كانت ثمرة عقود من النضال والتضحيات، إنها حلم رجال صدقوا وزرعوا فينا الإيمان بأن النصر آت، وأن لحظة الاستقلال أقرب مما نتصور.
في السابع من يوليو... لا نُحيي ذكرى فحسب بل نُجدد القسم: أن الجنوب سيبقى حيًا، مقاومًا، منتصرًا... لأن فيه شعبًا لا يُقهر.