حقوق أبوية ناقصة... بين ظلم القوانين وظلم الآباء
الأمناء نت / كتب / بسمة نصر

في مجتمعاتنا، حيث ما تزال العلاقات الأسرية تُحكم بالعرف أكثر مما تُحكم بالقانون، يظهر ملف "الحقوق الأبوية" كقضيةٍ مسكوتٍ عنها. بعض الآباء يُهمّشون قسرًا، ويُمنعون من ممارسة دورهم التربوي، بينما هناك أيضًا من يرتد دوره الأبوي إلى قسوة أو استغلال لأبنائه. وبين النموذجين، تضيع الطفولة، وتدفع الأسرة الثمن.

آباء محرومون من أطفالهم

في حالات الطلاق والانفصال، غالبًا ما يفقد الأب صلته الفعلية بأبنائه، إذ تُمنح الحضانة للأم تلقائيًا في معظم الدول العربية، دون دراسة عميقة لوضع كل أسرة. الآباء في هذه الحالات يُختزلون في بند النفقة، ويُعاملون كصرافين، بينما يُمنعون – أو يُهمَّشون – في أهم مراحل تربية الطفل.

بعضهم لا يستطيع حتى رؤية أطفاله، أو يُفرض عليه مواعيد زيارة محدودة، وفي ظروف نفسية مؤلمة، خصوصًا عندما يُستخدم الطفل كسلاح أو وسيلة ابتزاز. هذه التجارب القاسية تُحوّل الأبوة إلى شعورٍ بالهزيمة والخذلان.

 لكن أيضًا... هناك آباء ظالمون

في المقابل، لا يمكن إنكار وجود آباء يستغلّون سلطتهم الأبوية أسوأ استغلال. هناك من يدفع ببناته وأطفاله للعمل في الشوارع، لا بدافع الحاجة فحسب، بل كوسيلة سهلة لجني المال، دون مراعاة لكرامة الطفل أو سلامته.

وهناك من يُفرِّط في تربية أطفاله، أو يُعاملهم بقسوة لفظية أو جسدية، أو يُميّز بين الأبناء على أساس الجنس أو الميول، ويزرع فيهم مشاعر الكراهية والخوف بدلًا من الحب والأمان.

تربية الأبناء لا تتعلق فقط بالقوة والسلطة، بل بالرحمة والعدل. ومثلما هناك آباء مظلومون قانونيًا، هناك أطفال يُظلَمون يوميًا في بيوتهم باسم "السلطة الأبوية".

المطلوب: عدالة مزدوجة

العدالة الحقيقية تقتضي أمرين:

1. إنصاف الآباء الذين يُحرَمون من أبنائهم دون وجه حق.
2. محاسبة الآباء الذين يُقصّرون أو يُسيئون في أداء أدوارهم التربوية.

لا يمكن الحديث عن تماسك الأسرة دون إرساء توازن في الحقوق والواجبات بين جميع أطرافها. الطفل بحاجةٍ لأبٍ عادلٍ وموجود، لا غائبٍ ولا متسلط.

 خاتمة

في زمنٍ تتغير فيه مفاهيم الأسرة والتربية، علينا أن نراجع نماذجنا الذهنية والقانونية حول الأبوة. ليس كل أبٍ يستحق الحضانة، ولا كل أبٍ يستحق الإقصاء. بين هذا وذاك، هناك ملايين الأطفال ممن يحتاجون إلى بيئةٍ سويّة، يجدون فيها أمًّا تُحب، وأبًا يعدل.
فلا تكتمل الطفولة إلا إذا اكتمل الحنان... واكتمل العدل.

 

متعلقات
قوه لا تهزم بقيادة اسد الميدان الـعميد عــلــي فــضـل حــســن الــعـمـري
انفجار أزمة بيئية بعد غرق سفينة محملة بنترات الأمونيوم قبالة السواحل اليمنية
جر يمة مروعة تهز الضالع: ذبح طفلة حديثة الولادة ودفنها في كرتون
13 شاحنة مساعدات إماراتية تصل إلى غزة ضمن عملية «الفارس الشهم 3»
هجمات البحر الأحمر تتحوّل إلى ورطة أخلاقية للحوثيين