"إترنيتي سي - ETERNITY C" هو اسم السفينة التي تبنت ميليشيا الحوثيين في اليمن مساء الأربعاء، إغراقها أثناء مرورها في البحر الأحمر، وبثّت بالتزامن مشاهد مرئية من تلك العملية، ومعنى اسمها في اللغة العربية "الخلود".
و"إترنيتي سي"، ناقلة بحرية مُجمّعة، مخصصة لنقل البضائع الجافة (السائلة أو الصلبة)، ويرجع تاريخ إنشائها للعام 2012، وعلى مدار 13 عامًا قامت بالعديد من عمليات الشحن التجارية، ونقل البضائع والسلع المتعددة، بين التصدير والتوريد بين موانئ دول العالم، وقد جرى تصنيعها في دولة الصين عبر إحدى الشركات المتخصصة في إنشاء وصناعة السفن البحرية .
جرى تسجيل السفينة "إترنيتي سي" منذ تأسيسها تحت علم دولة ليبيريا، وهي منذ ذلك الوقت ترفع العلم الليبيري، بينما المالك والمشغل لها هي شركة يونانية تٌعرف باسم "إدارة الكون" (Cosmoship Management S.A)، وهي شركة مُتعهدة تعمل في النقل البحري التجاري.
سفينة عملاقة
وتعتبر "إترنيتي سي" من السفن ذات الحجم الكبير؛ إذ يبلغ طولها حوالي 186 مترا، فيما يصل عرضها إلى حوالي 28 مترا، ويُقدّر حجم وزنها في الوضع الساكن بنحو 36 ألفا و830 طنا، وتتسع طاقتها الاستيعابية إلى حمل آلاف الأطنان من المواد في الحمولة الواحدة.
وتُصنف قدرتها التشغيلية -وفق المصطلحات المُعرفة في الهندسة البحرية- في فئة "هاندي ماكس" (Handymax)، وتصنيفها في هذه الفئة يُمكّنها من شحن كميات ضخمة في توقيت واحد، ونقلها بين الموانئ عبر مياه البحر، قد تتراوح تلك الكميات بين 40 إلى 50 ألف طن.
وتمتلك الناقلة البحرية "إترنيتي سي"، محركًا تشغيليًا من نوع (MAN B&W 6S46MC-C) تصل قدرته الحصانية إلى حوالي 7 آلاف و700 كيلووات، فيما تبلغ أقصى سرعة تشغيلية حوالي 14.5 عقدة بحرية، كما يتوفر لديها 5 عنابر مُجهزة ومُهيأة بشكل كامل للشحن التجاري.
علاوةً على كل ذلك، تتمتع "إترنيتي سي"، بخصائص أخرى ذات قيمة عالية، يكمن أبرزها في كونها مزوّدة بـ4 روافع لتحميل وتفريغ البضائع منها وإليها، وهذا يجعلها لا تحتاج بالضرورة لموانئ مجهزة وتحظى بالإمكانيات الأساسية، وتنشط في المعتاد بنقل البضائع الجافة المتنوعة والمحصورة غالبا في (الحبوب والفحم والمعادن)، وتتخذ من شريط البحر الأحمر وموانئ دول الخليج العربي والبحر الأبيض المتوسط والمحيط الهندي، خط مسار دائم لها.
استهداف السفينة
تعرضت السفينة "إترنيتي سي"، مساء الاثنين الماضي، إلى استهداف من قبل الحوثيين، ألحق بها أضرارا جسيمة، بينما تجدد الهجوم الحوثي صبيحة اليوم التالي الثلاثاء، ليؤدّي ذلك إلى غرقها تدريجيا بشكل كامل.
كما أسفر الهجوم الحوثي، عن مقتل نحو 4 إلى 6 أشخاص من أفراد الطاقم المكوّن من 23 بحارًا جميعهم يحملون الجنسية الفلبينية، باستثناء شخص واحد يحمل الجنسية الروسية، بالإضافة إلى 3 عناصر أمنية من جنسيات مختلفة، فيما تعرض آخرون لإصابات بجروح متفرقة، فضلًا عن وجود مفقودين.
وكانت المهمة الأوروبية "اسبيدس"، قد أعلنت الأربعاء، عن نجاحها في انتشال 6 أشخاص من أفراد طاقم السفينة من البحر، حيث قالت في تدوينة لها عبر حسابها على منصة "إكس": "في أعقاب الهجوم على السفينة التجارية (إترنيتي سي) في جنوب البحر الأحمر، تم حتى الآن انتشال 6 من أفراد الطاقم من البحر".
وفي السياق، قالت ميليشيا الحوثيين إنها استخدمت في تنفيذ عمليتها العسكرية زورقًا مُسيّرًا و6 صواريخ مجنحة وباليستية، مُبررةً عميلتها، تلك بأن السفينة كانت في طريقها إلى ميناء إيلات (أم الرشراش) في إسرائيل.
تفنيد رواية الحوثي
في غضون ذلك، كذّبت الحكومة اليمنية، الرواية التي قالتها ميليشيا الحوثيين، مؤكدةً أن سفينة الشحن "إترنيتي سي"، كانت وقت استهدافها تنقل مساعدات غذائية تابعة لبرنامج الأغذية العالمي إلى الصومال، مُشيرةً إلى أنها سفينة الشحن التجارية الثانية التي تغرق في البحر الأحمر خلال 48 ساعة، بهجمات إرهابية حوثية ممنهجة، وسلاح وتوجيه إيراني، وسط صمت دولي مريب.
جاء ذلك، في منشور أورده وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني، عبر حسابه الرسمي على منصة "إكس"، مرفقًا إيّاه بالفيديو الذي بثته الوسائل الإعلامية الحوثية الذي يوثّق لحظة استهدافهم للسفينة "إترنيتي سي"، موجها خطابه للمجتمع الدولي.
وقال الإرياني: "رسالة إلى المجتمع الدولي: ما تنشره الميليشيا الحوثية اليوم من فيديوهات توثق جرائمها ضد الملاحة الدولية، ليس فقط تحديا سافرا للقانون الدولي، بل نتيجة مباشرة لفشل العالم في اتخاذ موقف حاسم تجاه هذا الخطر المتصاعد".
وتابع الإرياني: "هذه الميليشيا، باتت سرطانا ينهش في البحر الأحمر بلا رادع، وكل تأخير في استئصاله يزيد من تعقيد الخطر ويقلص فرص الحل"، لافتًا إلى أن: "عدم تحرك المجتمع الدولي كما يجب، هو ما أعطى ميليشيا الحوثيين الجرأة لتكرار اعتداءاتهم، والتفاخر بها، وكأن القانون الدولي قد أُفرغ من محتواه".
وشدّد الوزير اليمني، على أن: "أمن البحر الأحمر وباب المندب ليس شأنا محليا، بل قضية تمسّ الأمن الجماعي للعالم، وممر لاقتصاد دولي يُهدَّد يوما بعد يوم من قبل ميليشيا تتغذى على الإفلات من العقاب"، مؤكدًا على أن "الخيار اليوم واضح، إما تحرك دولي حاسم يجتث هذا التهديد، أو فوضى بحرية كارثية لا يمكن احتواؤها".
الهجوم الأعنف
في الوقت نفسه، أعلنت ميليشيا الحوثيين إجلاء عدد من أفراد طاقم السفينة، قبل غرقها، بينما اتهمت الولايات المتحدة الأمريكية الميليشيا باختطاف المجموعة الناجية من أفراد الطاقم، مطالبةً إيّاها بإطلاق سراحهم الفوري دون أي قيود أو شروط.
وفي بيان سابق لها، اعتبرت، أن الهجوم الحوثي على السفينة التجارية "إترنيتي سي" هو "أعنف هجوم حتى الآن"، واصفةً إياه بـ"الوحشي والمتهور".
وقالت واشنطن في بيانها: "يُظهر الحوثيون مرة أخرى، تجاهلا صارخًا للحياة البشرية وتقويضًا لحرية الملاحة في البحر الأحمر، وتحديا لقرارات مجلس الأمن، وتهديدًا لاستقرار المنطقة"، لافتةً إلى أن: "القتل المتعمد للبحارة الأبرياء، يُظهر للجميع الوجه الحقيقي للحوثيين".
وأشار البيان الأمريكي، إلى أن: "الهجمات الحوثية في البحر الأحمر، لن تؤدّي إلا إلى عزلتهم الدولية، لكن في الوقت نفسه تؤدّي إلى تُعطّل تدفق السلع الأساسية، بما في ذلك المساعدات الإنسانية، وتفاقم معاناة الشعب اليمني".
واختتم البيان، التأكيد على التزام الولايات المتحدة بدعم السلام والاستقرار والمساءلة في المنطقة، حسب قوله.