تواجه مدينة تعز اليمنية أزمة مياه خانقة تدخل شهرها الثاني، وسط احتجاجات شعبية وتصاعد حدة المعاناة اليومية بسبب الجفاف وارتفاع الأسعار.
فجّرت أزمة المياه الخانقة التي تعيشها تعز احتجاجات شعبية واسعة تنديدًا بتفاقم الأزمة التي دخلت شهرها الثاني تواليًا.
وخرج عشرات المواطنين، الخميس، للاحتجاج في شوارع تعز، حيث أضرموا النار في إطارات السيارات وشلّوا حركة المرور في موجة غضب تندد بتفاقم أزمة المياه التي تضرب المدينة المحاصرة من قِبل الحوثيين منذ 10 أعوام.
وطالب المحتجون السلطات الموالية للإخوان بسرعة معالجة وإنهاء أزمة المياه في مدينة تعز، وتحسين الخدمات وعودتها، ووقف تدهور الأوضاع في المدينة التي تقف على أعتاب أزمة جديدة كل يوم.
وأدّت أزمة المياه إلى ارتفاع سعر صهريج المياه سعة 5 آلاف لتر من 24 ألف ريال يمني (نحو 8 دولارات) إلى 120 ألف ريال يمني (أي ما يعادل 42 دولارًا أمريكيًا).
أزمات متفاقمة
وقال سعيد القراضي، أحد المحتجين، لـ"العين الإخبارية" إن "المدينة تعاني من شحّة المياه، حيث يصطف المواطنون في طوابير طويلة منذ الصباح للحصول على جالون واحد سعة 20 لترًا".
وأوضح المواطن اليمني أنه كان "يدفع قيمة صهريج المياه سعة 20 ألف لتر نحو 10 آلاف ريال يمني، لكن في ظل الأزمة ارتفع السعر إلى 40 ألفًا، ولم نجده، وأصبح الحصول على صهريج بمثابة حلم بعيد المنال".
كما انعدمت "مياه الشرب، حيث كنا نشتري جالون المياه سعة 20 لترًا بقرابة 100 ريال، وحاليًا ارتفع إلى 2000 ريال يمني ولا نحصل عليه إلا بشق الأنفس بعد التنقل من حارة إلى أخرى"، وفقًا للمواطن اليمني.
وأكد القراضي أنه يقضي كامل يومه في البحث عن جالون مياه، وأن "الأزمة شديدة، والمسؤولون لا يشعرون بما يعانيه المواطن، وهناك آبار مغلقة تحت سيطرة مسلحين موالين للإخوان".
وأضاف بصوت متحشرج وباكٍ: "نحن نموت عطشًا، وظروفنا صعبة، لا يوجد لدينا مال لشراء المياه في ظل تآكل قيمة المرتبات وانهيار العملة. نحن نعيش حالة هي الأصعب منذ عقود".
أسباب متعددة
وتفاقمت الأزمات في مدينة تعز بشكل كبير، ابتداءً من ارتفاع إيجارات المنازل السكنية التي أصبحت تُدفع بالعملة الصعبة، وصولًا إلى انهيار العملة، وانقطاع الكهرباء، وانتهاءً بأزمة المياه المميتة.
وأرجع مصدر مسؤول في تعز، لـ"العين الإخبارية"، أزمة المياه التي تضرب المدينة إلى "الجفاف وقلة الأمطار بدرجة رئيسية، ثم سيطرة ميليشيات الحوثي على حقول المياه شرقي المحافظة".
وأوضح المصدر أن "مصادر المياه في مدينة تعز تعتمد حاليًا على آبار بلدة الضباب، وهي آبار سطحية محفورة يدويًا وقد جفّ العديد منها بسبب شحّ الأمطار، بالإضافة إلى الآبار الإسعافية داخل المدينة، وعددها 29 بئرًا، تنتج مجتمعة 3200 متر مكعب، وهي كمية قليلة جدًا".
وأشار المصدر إلى أنه "قبل الحرب الحوثية، كانت مدينة تعز تعتمد على حقول مائية شمال شرق المدينة، وكانت تنتج قرابة 17 ألفًا و500 متر مكعب تقريبًا، لكن مع سيطرة الحوثيين تفاقمت الأزمة إلى حد كبير".
ولفت إلى أن شبكة المياه في تعز تعرّضت للتدمير والتخريب بالحرب الحوثية، والنهب من قبل مسلحي الإخوان، وهي بحاجة ماسة إلى الصيانة وإعادة التأهيل.
ما قاله المصدر أكده نائب مدير مؤسسة المياه بتعز، عبده علي، الذي أرجع الأزمة إلى "عدم سقوط الأمطار، وسيطرة ميليشيات الحوثي على 7 حقول مائية كانت تغذي مدينة تعز، بما فيها حقول الحيمة، الحوجلة، العامرة، كلابة، والضباب".
وقال علي لـ"العين الإخبارية" إن "مدينة تعز تعيش أزمة خانقة جدًا، بما في ذلك مياه الشرب التي لم تعد متوفرة بسبب جفاف آبار المواطنين في بلدة الضباب وشارع الثلاثين بمحيط المدينة"، مشيرًا إلى تأثيرات الجفاف والتغيرات المناخية على هذه الآبار الإسعافية.
وأوضح أن "من ضمن أسباب أزمة المياه، فتح المعابر القريبة من المدينة، والتي شكّلت ضغطًا كبيرًا، فضلًا عن النزوح الكبير إلى داخل المدينة وتزايد عدد السكان بشكل كبير"، لافتًا إلى تدفّق "الآلاف يوميًا من مناطق سيطرة الحوثيين إلى مدينة تعز، ما سبّب ضغطًا هائلًا وزاد من استهلاك الفرد للمياه".
وأشار إلى أن "ارتفاع درجة الحرارة كان أيضًا سببًا آخر للأزمة، حيث زاد من استهلاك المياه بشكل كبير"، لافتًا إلى وجود أسباب أخرى إدارية ومالية وفنية، في إشارة إلى العبث الإخواني بمؤسسات الدولة.
وحثّ المسؤول في مؤسسة المياه بتعز الأمم المتحدة على التدخل لحل هذه الإشكالية، وإجبار ميليشيات الحوثي على ضخ المياه إلى المدينة، لإنهاء هذه الأزمة المميتة.