أظهر تقرير جديد صادر عن التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي (IPC) أن اليمن يواجه أحد أسوأ أزماته الغذائية على الإطلاق، حيث يُتوقع أن يصل عدد من يعانون من انعدام حاد في الأمن الغذائي إلى 18.1 مليون شخص، خلال الفترة الممتدة من مايو 2025 وحتى فبراير 2026، أي ما يعادل 52% من إجمالي السكان في المناطق المحللة.
والتصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي (IPC) هو مبادرة عالمية متعددة الأطراف، تقودها منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو)، بالشراكة مع عدد من الوكالات الدولية والجهات الإنسانية، أبرزها: برنامج الأغذية العالمي، منظمة الأمم المتحدة للطفولة، اللجنة الدولية للصليب الأحمر، مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، فضلا عن منظمات غير حكومية وشركاء وطنيين في كل بلد.
وبحسب التقرير، فإن المرحلة المقبلة من التحليل (سبتمبر 2025 – فبراير 2026) تُنذر بتدهور إضافي في الأوضاع، حيث سيواجه 41 ألف شخص في أربع مديريات واقعة في محافظات عمران، الحديدة، وحجة ظروف مجاعة فعلية (IPC المرحلة الخامسة)، وهي أعلى درجات انعدام الأمن الغذائي.
تصاعد مستمر في الأزمة
خلال الفترة الراهنة من التحليل، مايو حتى أغسطس 2025، يعاني نحو 17.1 مليون يمني من الجوع الحاد، موزعين على مرحلتين: 5.2 مليون في "الطوارئ" (المرحلة الرابعة) و11.9 مليون في "الأزمة" (المرحلة الثالثة). وتشير التوقعات إلى ارتفاع هذا العدد بمقدار مليون شخص إضافي في المرحلة التالية، ما يؤكد تصاعد حدة الأزمة.
وأوضح التقرير أن انكماش المساعدات الغذائية، وانهيار الاقتصاد، وتكرار الصدمات المناخية، ساهمت مجتمعة في تفاقم الأزمة، مشيرًا إلى أن قدرة المجتمعات على التكيّف باتت "منهارة تمامًا" في العديد من المناطق.
أسوأ سيناريو
وللمرة الأولى منذ بدء استخدام آلية IPC في اليمن، يُسجّل هذا العدد الكبير من المديريات المصنفة في المرحلة الرابعة (الطوارئ)، والتي وصلت في التوقعات الأخيرة إلى 166 مديرية من أصل 333. كما يُتوقع أن تتحول بعض الجيوب السكانية في مديريات إضافية إلى المرحلة الخامسة في حال تصاعد الصراع أو استمرار انقطاع المساعدات.
وحذر التقرير من أن عدم التدخل السريع، سواء عبر استئناف المساعدات الغذائية الشاملة، أو عبر معالجة الأسباب الاقتصادية والجيوسياسية للأزمة، قد يؤدي إلى "انزلاق أعداد كبيرة من السكان نحو مجاعة وشيكة"، خصوصاً في ظل الفيضانات المتوقعة خلال شهري يوليو وأغسطس، والانكماش المتواصل في الدخل وسبل العيش.
ودعا التقرير إلى رفع مستوى التنسيق الدولي، وإعادة تمويل برامج الأمن الغذائي، واستقرار سعر صرف العملة المحلية، مشددة على ضرورة استعادة تدفق المساعدات الإنسانية إلى مناطق السيطرة المختلفة في البلاد دون عوائق.
ويعاني اليمن من أزمة إنسانية تُعد من الأسوأ عالميًا منذ اندلاع النزاع أواخر العام 2014 بعد سيطرة مليشيا الحوثي على العاصمة صنعاء وأجزاء واسعة من البلاد، ما أدى إلى انهيار اقتصادي حاد، وتدمير للبنى التحتية، وارتفاع معدلات النزوح والبطالة والفقر.
وقد أدى استمرار الصراع، إلى جانب القيود المفروضة على الواردات وانخفاض قيمة العملة المحلية، إلى تراجع القدرة الشرائية للسكان، وانهيار الأمن الغذائي في مختلف المناطق. كما تسبب تراجع حجم المساعدات الدولية مؤخرًا في تفاقم الأزمة، في وقت تواجه فيه وكالات الإغاثة فجوات تمويلية كبيرة تعيق تدخلها العاجل.
وكانت الأمم المتحدة قد حذّرت مرارًا من أن اليمن يقف على أعتاب مجاعة محتملة، إذا لم يُستأنف التمويل الإنساني الكافي وتُتخذ تدابير فعّالة لحماية الاقتصاد وتسهيل وصول المساعدات إلى المحتاجين في مختلف مناطق البلاد دون عوائق سياسية أو أمنية.