تصاعدت حصيلة القتلى في قطاع غزة بشكل مأساوي اليوم الاثنين، حيث ذكرت السلطات الصحية أن ما لا يقل عن 40 فلسطينيا لقوا حتفهم بنيران إسرائيلية وغارات جوية، من بينهم 10 كانوا يسعون للحصول على مساعدات إنسانية.
وفي تأكيد على عمق الأزمة الإنسانية، أضافت السلطات أن خمسة آخرين توفوا جوعا، في ظل تحذيرات متواصلة من وكالات إغاثية بشأن تفشي المجاعة.
وهذا المشهد المأساوي، حيث يتلاقى فيه الموت بالجوع مع الموت بالرصاص أثناء البحث عن الغذاء، يسلط الضوء على الوضع الكارثي في القطاع الذي دخل شهره الرابع والعشرين من الحرب.
وتُظهر الأحداث الأخيرة أن سعي سكان غزة للبقاء على قيد الحياة قد أصبح في حد ذاته سببا للوفاة، فقد قال مسعفون إن العشرة لقوا حتفهم في واقعتين منفصلتين بالقرب من مواقع تابعة لمؤسسة غزة الإنسانية المدعومة من الولايات المتحدة في وسط وجنوب غزة.
وهذه الحوادث ليست معزولة، إذ تشير الأمم المتحدة إلى أن أكثر من ألف شخص قد قُتلوا أثناء محاولتهم الحصول على مساعدات في القطاع منذ أن بدأت مؤسسة غزة الإنسانية عملها في مايو 2025، معظمهم برصاص القوات الإسرائيلية المتمركزة قرب تلك المواقع.
وقال الفلسطيني بلال ثاري (40 عاما) إن كل من يذهب إلى هناك يعود إما حاملا كيسا من الدقيق أو محمولا على نقالة "شهيدا أو مصابا".
وجاء ذلك أثناء وجوده بين المشيعين في مستشفى الشفاء بمدينة غزة اليوم الاثنين حيث تجمعوا لاستلام جثث ذويهم الذين قُتلوا في اليوم السابق بنيران إسرائيلية في أثناء سعيهم للحصول على المساعدات، وفقا لمسؤولي الصحة في غزة.
وأضاف السلطات الصحية أن 13 فلسطينيا على الأقل قتلوا أمس في أثناء انتظارهم وصول شاحنات المساعدات التابعة للأمم المتحدة إلى معبر زيكيم على الحدود الإسرائيلية مع شمال قطاع غزة.
وفي المستشفى، لُفّت بعض الجثث ببطانيات سميكة منقوشة بسبب نقص الأكفان نتيجة استمرار القيود الإسرائيلية على المعابر وتزايد أعداد القتلى يوميا، وفقا لما ذكره فلسطينيون.
وقال ثاري "لا نريد الحرب، وإنما نريد السلام وإنهاء المعاناة". وأضاف أنهم جميعا في الشوارع ينهشهم الجوع والكل في حالة سيئة وليس لديهم ما يكفي لعيش حياة طبيعية كسائر البشر.
ولم يصدر بعد أي تعليق من إسرائيل على حوادث إطلاق النار الأحد واليوم الاثنين
وتتهم إسرائيل حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) بالمسؤولية عن معاناة سكان غزة. وتقول إسرائيل إنها تتخذ خطوات لإيصال المزيد من المساعدات إلى السكان بما في ذلك عن طريق وقف القتال لفترات من اليوم في بعض المناطق وإسقاط المساعدات جوا وتحديد مسارات محمية لقوافل الإغاثة.
في ذات الوقت، توفي خمسة أشخاص آخرين بسبب الجوع أو سوء التغذية خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية، حسبما ذكرت وزارة الصحة في غزة اليوم الاثنين. ورفعت الوفيات الجديدة عدد الذين لقوا حتفهم جراء الجوع إلى 180 شخصا، بينهم 93 طفلا، منذ بدء الحرب.
وقالت وكالات الأمم المتحدة إن عمليات الإنزال الجوي للمواد الغذائية غير كافية وإن إسرائيل يجب أن تسمح بدخول مزيد من المساعدات عن طريق البر وتسهيل الوصول إليها بسرعة.
وقالت وحدة تنسيق أعمال الحكومة الإسرائيلية في المناطق الفلسطينية إنه خلال الأسبوع الماضي، دخل إلى غزة أكثر من 23 ألف طن من المساعدات الإنسانية في 1200 شاحنة، لكن مئات الشاحنات لم يتم نقلها بعد إلى مراكز توزيع المساعدات من قبل الأمم المتحدة والمنظمات الدولية الأخرى.
وأفاد المكتب الإعلامي الحكومي في غزة الذي تديره حماس الأحد بأن أكثر من 600 شاحنة مساعدات وصلت منذ أن خففت إسرائيل القيود في أواخر يوليو. لكن شهود عيان ومصادر في حماس قالوا إن العديد من تلك الشاحنات تعرضت للنهب على يد نازحين يائسين وعصابات مسلحة.
وقال مسؤولون فلسطينيون ومسؤولون في الأمم المتحدة إن غزة تحتاج إلى دخول نحو 600 شاحنة مساعدات يوميا لتلبية الاحتياجات الإنسانية، وهو العدد الذي كانت إسرائيل تسمح بدخوله إلى غزة قبل الحرب.
وبدأت حرب غزة عندما قتلت حماس 1200 شخص واحتجزت 251 رهينة في هجوم على جنوب إسرائيل في السابع من أكتوبر تشرين الأول 2023، بحسب إحصاءات إسرائيلية. وأدى الهجوم الإسرائيلي منذ ذلك الحين إلى مقتل أكثر من 60 ألف فلسطيني وفقا لمسؤولي الصحة في غزة.
ووفقا لمسؤولين إسرائيليين، لا يزال هناك الآن 50 رهينة في غزة، ويُعتقد أن 20 منهم فقط على قيد الحياة.