تأكيدا لاستفحال الغش التجاري وسط غياب الردع، ضبطت لجنة رقابية في مدينة تعز أحد الجزارين متلبسًا بخداع زبائنه عبر إنقاص 200 جرام من كل كيلو لحم يبيعه، مستخدمًا حيلة مريبة بوضع أسلاك حديدية ملفوفة أسفل إحدى كفتي الميزان لرفع الوزن المزيف.
الغش في تعز لم يعد مقتصرًا على سلعة بعينها، بل تحول إلى صناعة للثراء السريع على حساب صحة وقوت المواطنين، من التلاعب بالأدوية والمواد الأساسية والمشتقات النفطية، إلى العبث بالعملة الوطنية، وصولًا إلى التلاعب بأوزان اللحوم الحمراء بطرق ماكرة.
شهادات السوق تكشف طرقًا صادمة، بينها خياطة مؤخرة خروف بلدي بمؤخرة خروف مستورد ليباع على أنه "بلدي"، وبيع لحوم حيوانات مريضة أو نافقة، إضافة إلى خلط أحشاء الحيوانات وشحومها وطحالها مع الخضروات لصناعة معجنات وكباب يوهم المستهلكين أنه من اللحم الطازج.
بعض الجزارين لا يتورعون عن إعادة فرم اللحوم البائتة وبيعها بأكياس جديدة وبأسعار منخفضة تستقطب محدودي الدخل، دون تنبيه للمخاطر الصحية التي قد تؤدي إلى أمراض جرثومية أو سرطانية قاتلة.
المواطن عبد الله الصبري يؤكد فقدان ثقته بجميع اللحوم المعروضة، معتبرًا أن الضمير هو الحكم الوحيد في هذه المهنة، لكنه أصبح "عملة نادرة" في زمن يسعى فيه الجميع للربح السريع.
أحد الجزارين اعترف بوجود ضعاف النفوس ممن يشترون مواشي مريضة بأسعار زهيدة لذبحها خارج المسالخ الرسمية وخلط لحومها بأخرى سليمة، فيما أشار آخر إلى خلط لحم الغنم بلحم العجل لبيعه بسعر أعلى.
ورغم تعدد الجهات المسؤولة عن الرقابة مثل مؤسسة المسالخ، وصحة البيئة، ومكتب الصناعة والتجارة، إلا أن ضعف التنسيق والعقوبات "الخجولة" جعلت الظاهرة تتفاقم، في حين تكتفي السلطات بالتصريحات الإعلامية التي يكذبها واقع الأسواق.
المشهد في أسواق تعز اليوم يفرض ضرورة فتح ملف "غش اللحوم" على مصراعيه، وتحويله إلى قضية رأي عام، فالمواطن – كما يصفه مراقبون – أصبح وحيدًا في مواجهة جزارين يتلاعبون بصحته وقوته اليومي، في ظل صمت رسمي غير مبرر.