مابعد القرارات الحاسمة: محاسبة تجار الأزمات شرط عبور الهاوية لإنقاذ الوطن
كتب-عبدالرقيب السنيدي 

 

 

تمر الأمة بلحظة فارقة، تُختبر فيها إرادة الدولة أمام عُصَّابٍ نهبوا قوت الشعب لعقود. القرارات الجريئة لرئاسة الوزراء والبنك المركزي–وإن تأخرت زمنُها – بدأت تُظهر بوارق أمل: تحسُّن صارخ للعملة، وتراجُع أسعار المواد الغذائية الأساسية، نبضات أولى لانتعاش معيشي. لكن هذه الإجراءات التاريخية تواجه تشوُّهًا صارخًا: فوضى التطبيق، واستمرار تعسُّف تجَّار الأزمات، وانفلات قطاعات حيوية تُذكِّرنا بأن معركة إنقاذ الوطن لم تُحسَم بعد!

لقد ذاق شعبنا في الجنوب مرارة التهميش المتعمد لكرامته سنواتٍ طِوالاً. سُلبت حقوقه تحت سمع الدولة وبصرها، بينما هيمن أمراء المجاعات–سماسرة العملة ووكلاء الاحتكار–على رقاب العباد. لقد حوَّلوا الوطن إلى غنيمة، واستباحوا حاجات الناس حتى أوشكنا نُعلن "جمهورية الجياع"! صمتٌ رسمي كان شريكاً في الجريمة.. حتى انطلقت صافرات الإنقاذ الأخيرة.

اليوم، وبعد القرارات الحاسمة، نواجه مفارقةً تُثير الحَنَق: - تحسُّن العملة لا يُلامس أسعارَ الأدوية التي ظلَّت خناجرَ في خاصرة الفقراء - انخفاض أسعار الأرز والدقيق لا يعمُّ كلَّ المتاجر، بل يُراوح بين منطقةٍ وأخرى كأننا في "دويلة التلاعب"! - قطاع النقل يُدار بعقلية الريع القديم، والمصارف تتلاعب بأسعار الصرف كأن قرارات البنك المركزي حبر على ورق! إنها معركةٌ بين قراراتٍ تُريد البناء، وقوى فاسدةٍ تُمعن في الهدم.

المطلوب الآن ليس قراراتٍ جديدة، بلإرادة حديدية لتنفيذ ما صُدِر! -فمحاسبة مافيا السوق السوداء ليست خيارًا، بل هي الشرط الجوهري لاستعادة ثقة الشعب- تطبيق الأسعار الموحَّدة على الأدوية والغذاء والنقل ليس رفاهية، بل خط الدفاع الأخير عن كيان الأمة-مراقبة المصارف ليست طلبًا، بل هي الضمانة الوحيدة لتحويل الأرقام الورقية إلى رغيف خبزٍ في يد الجائع، إنها لحظةُ الحقيقة: فإما أن تثبت الدولة أنها "كيان سيادي" قادرٌ على كسر شوكة الاحتكار، أو نُطبِّق على أنفسنا صفة دولة الهُلام التي تُقرر ولا تنفذ!.

لقد حان وقت الحساب..ليس فقط للمتلاعبين بالأسعار، بل لكل من ظن أن هذا الشعب سيقبل بالذل إلى الأبد! الموارد التي تزخر بها أرضنا كفيلةٌ بأن تجعلنا جنةً للأحياء، لا مقبرةً للأحلام. القرارات الحاسمة كانت الشرارة.. أما النار التي ستُحرق أعشاش الفساد، فتأتي من: رقابةٍ لا ترحم. تطبيقٍ بلا استثناء. إرادة شعبيةٍ ترفض العودة إلى زمن الوطن المنهوب،المعركة مصيرية.. والطريق طويل.. لكن شعبًا تجرَّع مرارة الجوع لعقود، يستحق أن يرى إشراقة العدالة."

متعلقات
ريمونتادا مثيرة.. باريس ينتزع السوبر الأوروبي من أنياب توتنهام
القطط المصابة بالخرف تعاني مما يعاني منه البشر
تحذيرات من أمطار متواصلة خلال الأسبوع المقبل ودعوات لأخذ الحيطة والحذر
الهجرة الدولية: نزوح 300 شخص في اليمن خلال الأسبوع الماضي
فرنسا تطالب بوضع حد لهجمات مليشيا الحوثي على سفن الشحن