تعيد مليشيات الحوثي هندسة المشهد السياسي في صنعاء، في مسعى لبناء معارضة على غرار التنافس بين الإصلاحيين والمحافظين في إيران.
وقالت مصادر مطلعة إن "اختطافات بالجملة، وضغوط قصوى، وتهديدات بالتصفية وإقامات جبرية، تنفذها مليشيات الحوثي بحق قيادات حزب المؤتمر الشعبي العام بصنعاء".
وأوضحت المصادر أن موجة الاختطافات الأخيرة التي طالت قبل يومين 12 قياديا بما فيهم أمين عام الحزب، غازي الأحول، ومدير مكتبه، كشفت النقاب عن الحرب الشعواء التي تشنها مليشيات الحوثي بحق أعضاء حزب المؤتمر.
وتسعى مليشيات الحوثي، وفقا لمصادر لـ"العين الإخبارية" إلى هيكلة حزب المؤتمر الشعبي العام جناح صنعاء وتنصيب قيادات موالية لها لتحويله إلى "تيار إصلاحي" يشارك في الحكم وذلك على غرر تياري الإصلاحيين والمتطرفين (المحافظين) في المشهد السياسي الإيراني.
صيغة مشاركة
وبدأت مليشيات الحوثي بمحاولات إعادة حزب المؤتمر الشعبي العام لمشاركتها في الحكم شكليا، غير أن الحزب رفض هذا الطلب مما دفعها لتصعيد إجراءاتها القمعية.
وطبقا لمصادر "العين الإخبارية" فإن "مليشيات الحوثي تقدمت بطلب لرئيس حزب المؤتمر الشعبي العام صادق أمين أبوراس لعقد مؤتمر عام بمناسبة الذكرى الـ43 لتأسيسه والتي تصادف الـ 24 من أغسطس/ آب الجاري وذلك بهدف انتخاب قيادة جديدة".
وقالت المصادر إن "المليشيات كانت التزمت بتمويل انعقاد المؤتمر العام للحزب بشرط أن يتم فرض ثلثين من اتباع المليشيات داخل الحزب في القيادة الجديدة وإزاحة القيادات الحالية بما فيه صادق أمين أبوراس".
وأوضحت المصادر أن "مليشيات الحوثي كانت طرحت مجموعة من الأسماء في القيادة الجديدة التي كان من المفترض أن يعلن المؤتمر عن انعقاد دورة استثنائية بذكرى تأسيسه 24 اغسطس/ آب الجاري".
وأشارت المصادر إلى أن قائمة الأسماء التي قدمتها المليشيات تضمنت تعين طارق الشامي أمينا عاما لحزب المؤتمر الشعبي العام" بدلا عن غازي الأحوال الذي عمدت المليشيات لاختطافه مع عدد من القيادات الأربعاء الماضي بهدف إرهاب الجميع.
وأكدت المصادر أن "حزب المؤتمر رفض طلبات مليشيات الحوثي كون ذلك يحول الحزب إلى جناح سياسي للجماعة بشكل يشابه المشهد في إيران" الذي يحكمها الإصلاحيون والمحافظون فيما يحتفظ زعيم المليشيات بسلطة عليا على غرر المرشد الإيراني علي خامنئي.
تدجين
وأى خبراء يمنيون أن مليشيات الحوثي تسابق الزمن من أجل هيكلة حزب المؤتمر الشعبي العام لتدجين الحياة السياسية وفك العزلة التي تعيشها.
وقال الضابط اليمني العقيد وضاح العوبلي إن مليشيات الحوثي تتجه بالفعل "لإعادة هندسة وهيكلة حزب المؤتمر الشعبي العام في صنعاء، بما يضمن تحكمها به، من خلال فرضها المدعو حمود عباد، وحسين حازب والمدعو طارق الشامي في مواقع قياديه رفيعة في هرم الحزب".
وأوضح أن مخطط المليشيات ضد حزب المؤتمر يسير جنب إلى جنب مع مسار "إعادة تشكيل وهندسة القبائل في مناطق سيطرتها، بما يضمن تدجينها، وعدم تكرار المشاهد التي أثارت قلق ورعب الجماعة في مناسبات قبلية عده تحولت إلى احتجاجات شعبية وتكررت أكثز من مرة خلال الأعوام الثلاثة الماضية".
ويعتقد العوبلي أن "هذه الخطوات الحوثية ستنعكس سلباً على الجماعة، ويبدو أنها ككل مرة تخطئ التقدير وتعتمد على مخططات إيرانية يصعب من خلالها تنفيذ النتائج والأهداف على الواقع الشعبي والقبلي في اليمن".
من جهته، قال الإعلامي اليمني رضوان الهمداني أن مليشيات الحوثي تعيش معزولة عن محيطها الاجتماعي وخاصة صنعاء "حتى نساء قيادات المليشيات وأطفالهم لا يختلطون مع الجيران".
وأوضح أن "قمع وترهيب قيادات المؤتمر بالنسبة للحوثيين هي الطريقة المثلى والأنسب لإيصال رسالة للمجتمع أننا سنبطش بكل من يفكر بالتمرد او يهدد وجودنا".
تنديد سياسي بالقمع
ونددت الحكومة اليمنية ومكونتها في قمع مليشيات الحوثي قيادات المؤتمر الشعبي العام واعتبرتها امتداداً لجرائم الاختطافات والإخفاء والقتل التي دأبت عليها هذه المليشيات وطالت المئات من القيادات الحزبية والسياسية والناشطين والعاملين في السفارات والمنظمات ومختلف أطياف المجتمع.
وقالت الحكومة اليمنية إن "قمع حزب المؤتمر يؤكد أن ما تسعى إليه مليشيات الحوثي ليس مجرد تحجيم المؤتمر الشعبي العام أو الحد من جماهيريته، بل محوه من المشهد السياسي بالكامل".
وأضافت أن "هذا النهج يتكرر منذ ديسمبر/ كانون الأول 2017، عندما اغتالت المليشيات الرئيس الأسبق علي عبدالله صالح، وما تلا ذلك من تصفيات جسدية لقيادات الحزب ذات الحضور الأوسع والأكثر جماهيرية في الساحة اليمنية".
وحثت الحكومة اليمنية "القوى الوطنية للتوحد لمواجهة الحوثي كونه لم يعد خياراً سياسياً بل أصبح ضرورة مصيرية لحماية اليمن والجمهورية والتعددية".
من جانبه، قال المكتب السياسي للمقاومة الوطنية في بيان إن قمع مليشيات الحوثي لقيادات المؤتمر "يعكس نهجها القمعي والدموي لإسكات الأصوات الوطنية وتحويل اليمن إلى معتقل مفتوح".
وفيما حمِّل البيان قيادة مليشيات الحوثي المسؤولية الكاملة عن المختطفين، أهاب بـ"الجماهير اليمنية إلى المزيد من الثبات والصمود، فليل الإرهاب والطغيان إلى زوال، وستنتصر إرادة الشعب على هذه الميليشيات مهما تمادت في إجرامها".