في بلد أنهكته الحرب وأفقدته أبسط مقومات الدولة، ظهر رئيس الحكومة سالم بن بريك كاستثناء نادر، استطاع خلال فترة قصيرة أن يعيد للمواطن شعورًا كان مفقودًا: الثقة.
فبخطوات مدروسة وهادئة، بدأ الرجل مشروعه في إعادة هيبة الدولة، ردم الفجوة بين الشارع والحكومة، وبث بصيص أمل بأن التغيير ليس مجرد شعار بل ممكن التحقيق على أرض الواقع.
ما يلفت النظر أن الإجماع الشعبي والسياسي حول شخصية بن بريك لم يسبق أن حظي به أي رئيس
حكومة في تاريخ اليمن الحديث. النخب السياسية والاجتماعية والإعلامية، وحتى المواطنين العاديين، وجدوا فيه رجل الدولة الذي طال انتظاره، رجل لا يبيع الوهم بل يعمل بصمت ويُنجز.
لم يكن هذا التأييد وليد الصدفة، بل ثمرة لسياسة واضحة: إنقاذ ما يمكن إنقاذه من الاقتصاد المنهار، والتمسك بخيار الدولة المدنية، ووضع هموم الناس ومعيشتهم في قلب الأولويات.
غير أن طريق الإصلاح ليس مفروشًا بالورود. فالقوى التي اعتادت التربح من الفوضى ترى في نجاح الحكومة تهديدًا مباشرًا لمصالحها، وتعمل ليل نهار لإفشال الرجل وإعادة عجلة البلاد إلى مربع "اللا دولة".
ومع ذلك، ما تحقق حتى اليوم من إنجازات ملموسة يُثبت أن بن بريك لا يخشى الألغام، بل يقتحمها بعزيمة، رافعًا شعار الدولة لا الفوضى، المصلحة الوطنية لا الغنائم الحزبية، الاستقرار لا المحاصصة.
اليمنيون اليوم أمام خيارين لا ثالث لهما: إما دعم خطوات رئيس الحكومة ومشروعه الإصلاحي حتى النهاية، أو ترك البلاد فريسة من جديد للفساد والمحاصصة والصراعات على المال العام والمناصب العليا.
فما تحقق حتى الآن هو بداية الطريق، وليس نهايته، ويحتاج إلى التفاف شعبي واسع ودعم سياسي جاد حتى تكتمل مسيرة التصحيح.
تحية إلى رئيس الحكومة سالم بن بريك الذي أعاد الاعتبار لفكرة "رجل الدولة" في زمن غابت فيه الدولة، وأحيا الأمل في نفوس اليمنيين بأن الغد يمكن أن يكون أفضل.
إنها معركة وجود، إما دولة قوية تقف على أقدامها، أو "لا دولة" تبتلع كل ما تبقى. والاختيار اليوم في يد الشعب، فإما أن يقف مع رجل الدولة، أو يترك مصيره بيد تجار الأزمات.