يعمل بصمت..الدكتور يحيى سهل (باحثاً) بعد الأُستاذية
الأمناء / كتب / سعيد علي نور :

في الصيف الماضي أَهداني الصّديقُ العزيز الأُستاذ الدكتور يحيى قاسم سهل أربعةَ كتب: اثنين في القانون, وهو مجال تخصصه, وثالثاً عن الموسيقى والغناء، ورابعاً عن الفنان الراحل محمد عبده زيدي, وهي عادة تعوَّدتها منه كلما صدر له كتاب, في سياق نشاطه البحثي المستمر.

غير أن ما دعاني إلى هذه الوقفة المتأخرة, مع بعض ما يصدره الدكتور سهل, لا يتعلَّق بإنتاجه العلمي والثقافي, في تخصصه وغير تخصصه وحسب, بل قبل ذلك يتعلق بكونه لا زال يتشبّث بصفة (الباحث) ويمارسُ البحث في القانونِ وفي الثقافة ِ العامة, الفنية والمجتمعية, على حين نجد كثيراً من أساتذة الجامعات قد توقفوا بالبحث عند نيل الشهادة العُليا, وفي أحسن الأحوال بعد الحصول على اللقب العلمي (الريازة)!.

من هنا يكتسب النشاط ُ البحثي الذي يتصدى له الدكتور يحيى سهل أهمية الإشارة إليه والإشادة به, بما له وما عليه بالكيفية التي تتعلّق بتكوينه الثقافي وتخصصَه العلمي.

عندما كُنَّا طُلَّاباً في الجامعة, وهو في كلية الحقوق وأنا في كلية التربية العُليا, كانت تجمعُنا لقاءاتٌ متباعدة, يُحدِّثني فيها عن قراءاته في القصة والرواية والشعر, وكنت أحسُّ أنه على درجة من الاهتمام بالثقافة والاطلاع على الأدب يتفوَّق فيها على بعض زملائي في قسم اللغة العربية. وفي الوقت نفسه كان متفوِّقاً في دراسته الحقوقية على النحو الذي جعله عضواً في هيئة التدريس بعد تخرجه في كلية الحقوق.

لقد أصدر الدكتور سهل كتُباً في تخصصه قبل نيله شهادتي الماجستير والدكتوراه وظل باحثاً بعد نيلهما, فإلى جانب المباحث القانونية قرأنا له في الثقافة المجتمعية مجلداً ضخماً عن " المجتمع المدني في عدن" جمع فيه عدداً من الوثائق التاريخية, على نحو جعل من هذا الإصدار مرجعاً لا غنى عنه لكل من يتصدَّى للتاريخ الاجتماعي والسياسي في عدن في القرن الماضي.

بالتزامن مع الكتاب (أعلاه) صَدَرَ له كتابٌ عن الفنان القدير سعودي أحمد صالح, فكان بمثابة لفتة كريمة إلى فنان لم ينل حقة من الاهتمام.

من آخر إصدارات الدكتور يحيى, التي وصلتني كتابان: أحدهما عن الحركة الفنية (الموسيقى والغناء – مدخل ببلوجرافي) والآخر بعنوان (محمد عبده زيدي – كبير جاء في زمن الكبار) إلى جانب كتابين في القانون (السهل في التشريعات المالية والمصرفية) وما يهمنا في سياقنا هذا هما الكتابان الأوّلان: فكتابُ المدخل الببلوجرافي في الموسيقى والغناء لا يمكن النظر إليه من زاوية كونه جهداً جمعيا يلم الشتات وحسب, على أهمية هذا الجهد, ولكن بوصفه إنتاجاً جديداً يملأ فراغاً في المكتبة العربية من حيث أن يؤرّخ للفن في قُطر عربي له تاريخه الفني المؤثر في الإقليم والوطن العربي الكبير.

أما كتابه عن الزيدي , وإن بدا أقل أهمية من الأول , فإن ما يحسب لصاحبه فيه هو ذلك التكريم لفنان ظُلِمَ في حياته وبعد مماته, غير أني كنت أتمنى على الدكتور سهل لو أنه أرجأ إخراج الكتاب حتى يتمكن من العثور على إضافة جديدة عن حياة الزيدي وفنّه, لأن ما نُشر في الكتاب كان من قبيل تحصيل الحاصل. أعود فأقول أن الدكتور يحيى صيًّر ذلك الحاصل منشوراً بعد أن كان شفاهياً, وربما رأى الدكتور أن حياة الزيدي وفنه لا تخرج عن حدود ما نُشر في الكتاب فنشرهَ كما قرأناه.

ما ينبغي أن يعرفه القارئ أن الدكتور يحيى يجمع مواد كتبه الثقافية والوثائقية, بجهد شخصي, من مراكز التوثيق ومن أفواه المعنيِّين, وبمساعدة آخرين من القائمين على تلك المراكز ممن يذكرهم في مقدماته, ثم يفرز ما جمع ويفحصه ويرتبه وينشره على حسابه الخاص, من حرِّ ماله, وهذا يُحسبُ له بامتياز, لأنه يُريد به وجه الله وخدمة البحث العلمي المحايد, وليس لأحد عنده من نعمة تجَزى.

بقي في نفسي ملاحظتان همستُ بهما إلى الصديق العزيز يحيى قاسم عبر الهاتف وآثرت نشرهما, إمعاناً في الحيادية, تتعلقان باللغة والطباعة: أما اللغة فإن حالَها عامة عند غير المتخصصين فيها من أساتذة الجامعات, ,وأبعد من ذلك نجد كثيراً جداً من أساتذة اللغة العربية في أسوأ حالات الإعراب والتعبير, سواء تكلموا أو كتبوا!. أما الطباعة فإن كوادر الصف والتنضيد عندنا لا يمتلكون ثقافة لغوية تمكنهم من تصحيح الكتاب, بل ولا حتى ثقافة إملائية, فهم يدخلون آخر حرف من الكلمة في أول حرف من الكلمة التي تليها, وليس لدى معدّي الطباعة عندنا مصححون لغويون, بمعنى أننا لا نمتلك دور نشر بالمعنى المتعارف عليه عالميَّاً, أما دار النشر التابع لجامعة عدن فإن أقل ما يوصف به أنه أسوأ دار نشر في التاريخ الحديث والمعاصر!.

متعلقات
عدن : تنظيم مركز الاطراف الصناعية حفلا بيوم الطفولة العالمي
محلي الشيخ عثمان بعدن يتفقد  الحفريات واعمال الصيانة للكهرباء
مدير عام خورمكسر يلتقي الصندوق الإجتماعي للتنمية
الحزام يضبط عصابة تقطع ونشل في الشيخ عثمان
بتوجهات من مدير عام التواهي.. "الشيباني" يُدشن حملة النظافة الشاملة في المديرية