ابو هشام
بين "استعادة" و"إقامة"

بعض القوى والشخصيات السياسية التي لم تسنح لها الفرصة لبلوغ سدة الحكم لهذا السبب أو ذاك وظل حضورها إعلاميا فقط في المعارضة.. ترى الأمور من منطلق ثقب رؤيتها الضيق الذي لا يتعدى مداه أرنبة أنوفها.. فهي ترى أن كل ما تم سوداوي وأن حال الشعب كان ظلما وهوانا وأنه لو قدر لها أن تحكم لعاش الشعب في الفردوس ورفل في النعيم.

ولأنها لا تجيد من "فنون ومواهب" العملية السياسية سوى ضوء الإعلام الذي تغدق عليه ليظهرها بحجم وتواجد كبير جدا يفوق حجمها الطبيعي على أرض الواقع مرات ومرات.. فإنها تصرف جل وقتها وهمها في إنشاء المبادرات تلو المبادرات.. والتصارع واللقاءات لهذه القناة، وتلك الصحيفة بأكثر من عدد ساعات النهار.. تصنع الوهم للناس وتحاول أن تسوقه بأسلوب بدائي.. وتتكئ على "جمهورية أفلاطون الفاضلة" باستغلال سيء لتذمر الناس وشكواهم والعزف على وتر المعاناة وحاجة الناس إلى الانعتاق والخلاص.

إن ما يمكن أن يقال عن تلك القوى والشخصيات أنها تغرد خارج سرب الاجماع الوطني وتحاول أن توهم الناس بأن الكل معها ومجمع على ما تدعو إليه من مشروعات وطنية وهي في الأساس مشاريع صغيرة لا تخدم الجنوب وشعبه بقدر ما تنأى بالجنوب بعيدا استحقاقاته ومشروعية مطالبة المتفق عليها والمتعارف عليها.

إن الترويج لفكرة قيام "دولة الجنوب العربي الاتحادي" يعيدنا إلى مربعات الماضي التي تجاوزها الزمن وهي غير موجودة في وعي السواد الأعظم من أبناء الجنوب بقدر ما هي معشعشة في أذهان ونفسيات تلك القوى التي أقل ما يمكن أن يقال عنها أنها قوى مأزومة نفسيا لازالت تعاني من عقدة النقص التي تراكمت لديها خلال عقود من الزمن بسبب لفظ الشارع لها ورفضه على الدوام لمشروعها الصغير.

وتأملوا منطق وموقف تلك القوى ودعاواها حيث تكرر "إقامة" و"بناء" دولة الجنوب العربي الفيدرالي وترفض التعاطي والتسليم بما يجمع عليه كل شعب الجنوب وإصراره على "استعادة" دولته.. وهناك فرق شاسع بين "إقامة" و"استعادة" حيث والاستعادة تعني إعادة شيء موجود سرق ونهب وهو الوضع الصحيح لدولة الجنوب فيما تعني إقامة أن نعيد البناء من الصفر.. فكيف يتسنى لشعب الجنوب هذا الأمر إن لم يكن هذا تتويها وإفراغا لمحتوى ومضمون نضال أبناء الجنوب وحراكه السلمي .. ثم نأتي لمعنى الفيدرالية.. فيدرالية ماذا ألم يعلن الجنوب توحده بكل سلطناته ومشيخاته وانتهى أمر ذلك العهد بإعلان الاستقلال الوطني المجيد في الثلاثين من نوفمبر 1967م.. وكانت تجربة فريدة أذابت كل الفوارق الطبقية وساوت بين الناس.

إنها دعوة صادقة لأحرار الجنوب لليقظة والحذر وضرورة مجابهة هذه المشروعات الصغيرة قبل أن يقع الفأس في الرأس ويضيع علينا الجنوب.

مقالات أخرى

مستقبل الأمة العربية ... بين جنون نتنياهو وتهريج ترامب

د . خالد القاسمي

وإن تأخرت فقد أتت في وقتها ولا تراجع عنها أو التوقف عندها

صالح شائف

نضالنا المستحق .. ونضالهم المدفوع .

فضل مبارك

أيهما اولى بالدعم المركز ام المدرسة!

عادل حمران