لم تزل ثورة الستينات الذي أشعلها أبطال الجنوب وسميت بالثورة الأكتوبرية مستمرة وتضحيات الصناديد من أبناء شعبنا الجنوبي تقدم تباعا" وبالرغم من دخولنا مرحلة استعمار باردة أخمدت فيها جذوة الثوار المشتعلة استمرت قرابة عقدين وثلاثة أعوام بعد الثورة النارية الممتدة من أكتوبر 63م إلى نوفمبر 67م إلا أننا لم نستطع نيل الاستقلال الفعلي الذي تداخلت قوى دولية ذات اطماع رجعية باختطافه منا قبل ولادته المعلنة بأشهر معدودة؛ ومكثنا تحت وطأة هذا الاستعمار الغير معلن إلى أن توج بالإعلان الصريح في مطلع التسعينات؛ هنا تجلت الفظاظة وانكشف زيف بهرج التحرير الخادع الذي انطلى مفعوله على غالبية عظمى من أبناء شعبنا الجنوبي فأعمت أبصاره ردحا" من الزمن الخانق.
عند وشوك تغلب الثوار الأكتوبريين على الاستعمار البريطاني أحس أطراف الاستعمار الحالي بحقيقة تحرر شعب الجنوب وأيقنوا بقيام دولة معاصرة ووطن يحكمه ويذود حماه أبناؤه الثوار ؛ هنا بدأت خيوط المكر ودسائس اللعبة تمد أشراكها لخطف الوطن قبل استقلاله ؛ فكيف تتسنى لهم فرصة الانقضاض على المارد الجنوبي الناهض وبقوة في جنوب جزيرة العرب؛ بأساليب الحرص على الحكم الملكي استطاع ساسة عربية اليمن خداع دول الخليج الملكية واقناعهم بضرورة القضاء على جمهورية الجنوب العربي والحاقها كجمهورية يمنية جنوبية أي فرع من اليمن الأصل في الشمال؛ وظل الخوف الأكبر من ثورة مصر العظمى وقائدها الزعيم العربي الفذ عبدالناصر ؛فبسهولة وكالعادة حيل الكيد وسجية جبلت عليها فطرة القوم في عربية اليمن فنهجوا أسلوب القومية العربية الذي لا يمكن أن يعارضه الزعيم العربي القومي ؛بل على العكس قابل الفكرة وبارتياح تام، وبرزت لديهم مواقف التخوف من المعسكر التنويري الاشتراكي الشرقي الذي يتزعمه الاتحاد السوفيتي حيث وأن الأمريكان لا يكترثون ببروز دول رجعية أو اشتراكية كانت طالما ومصالحها تخدم دول رأسمالية رجعية في المنطقة ؛ فكيف يكسبوا القوم ود السوفييت ويحضون بعدم الاعتراض على فكرة خطف الحلم الجنوبي حينها!!؛؛
أبرز الشماليون فكرة نهوض الاشتراكية في جنوب الجزيرة العربية وقد خصصت شخصية فكرية حاذقة للإنبراء للمهمة وقد أعدت مسبقا" لهذا الغرض وتمثلت في شخص فتاح اسماعيل المتمرس للقيام بالمهمة.
وحسب الخطة المرسومة أبرزوا حركة الجبهة القومية الذين استطاعوا من خلالها تقليص الثوريين التحرريين الجنوبيين حتى تقلدوا زمام الأمور كلية في الجنوب.
فلغرابة ما قرأته وسمعته من أصوات تهتف للاستقلال الثاني شدني لكتابة ما قرأته سلفا" فالحقيقة الجازمة هي أننا شعب قابع تحت الاستعمار ولم ينل حريته بعد..
إسناد: كتب المندوب السامي البريطاني في مذكراته أثناء توقيع خروج البريطانيين من عدن ( اتحسر على شعب مغلوب على أمره يوقع مفوضوه استغلال وطنهم باسم دولة استعمارية جديدة).
مقالات أخرى