احمد صالح عبدالحبيب
تناقضات الخطاب السياسي خلال الأزمة اليمنية

نسمع في الإعلام مفارقات وتناقضات صارخة في الخطاب السياسي للقوى السياسية في الساحة وللأفراد منذ التغييرات التي حصلت في قيادة الدولة السياسية والعسكرية على خلفية الربيع العربي ربما كانت نتيجة للإحباط وخيبات الأمل بعد ضياع بعض المكاسب السياسية الحزبية لهذا الحزب أو ذاك دون أن يقف ذوي العقل والحكمة في القوى الفاعلة إلى وضع حد لهذا الخطاب غير المسئول، والاعتراض عليه داخل مكوناتهم السياسية بصورة واضحة ومباشرة.

 خطرت لي فكرة هذا المقال وأنا أسمع منذ أيام قليلة محللاُ سياسياً في فضائية عربية معروفة يتحدث عن القيادة السياسية بلغة هابطة تفتقر لأبجديات التحليل السياسي والعرف الدبلوماسي، ويتهمها بصورة مباشرة بتدمير القيادات الوطنية في الجيش. . ويتجاهل مثل هذا الخطاب أن الجيش كان يعاني من تعدد الولاءات الشخصية والمناطقية، وهيمنة العديد من القيادات على الجيش بل والاستيلاء عليه، مما أدى إلى تعدد مصادر القرار داخله خلال الفترة الماضية ليحيد بذلك عن أهدافه الوطنية كمؤسسة وطنية دفاعية. لكن هذا النوع من الخطاب يهدف فقط إلى مهاجمة قيادة الدولة والجيش عندما أصبح لها دوراً سياسياً وعسكرياً بعد الأزمة وفقاً لصلاحياتها.

وكنموذج على سوء الخطاب الإعلامي المتخبط والمغرض، فقد ظل اليمن متعاوناً وموقعاً لاتفاقية في إطار مكافحة الإرهاب مع الولايات المتحدة لسنين عديدة، وعندما جاء الرئيس عبدربه منصور هادي أخذت الكثير من القوى السياسية في الحديث عن انتهاك السيادة اليمنية، وكأن اليمن لا يحتاج إلى سيادة قبل العام 2011م.

وضربت الطائرات بدون طيار العديد من المحافظات مثل أبين ومارب وحضرموت وشبوة، ولم يعترض أو يعلق أو يحتج أحد على ذلك على الإطلاق، وعندما حلقت نفس الطائرات على محافظات أخرى من بينها صنعاء، تعالت أصوات الكثير من الساسة والإعلاميين احتجاجاً لا يخلو من لغة التهديد للقيادة السياسية، حتى أن أحدهم ألمح إلى أن تحليق الطائرات بدون طيار فوق صنعاء خط أحمر وأستثنى بقية المحافظات، وهو ما دفع الرئيس هادي إلى التطرق لهذا الموضوع في خطاب متلفز له تساءل فيه متهكماً عما إذا كانت أبين ومارب وشبوة سيادة يمنية أم لا! وهو تساؤل طرح نفسه على الكثيرين وهم يسمعون ذلك الخطاب المناطقي والجهوي المقيت والتعامل على أساس أن هناك مركز والبقية مجرد أطراف.

ونموذج آخر لسوء الخطاب السياسي والإعلامي هو التعامل مع مصطلحات سياسية معروفة بغير ما تعنيه، فنجد من يحرض الناس على رفض اي مفاهيم سياسية جديدة تفتح آفاق جديدة وحلول جذرية للمشاكل من خلال تخويف الناس من هذه المفاهيم العادية وإظهارها بأنها نهاية العالم كالفيدرالية على سبيل المثال. ونتفاجئ عندما نسمع مثل هذه التوصيفات والتصريحات من قبل مثقفين وشخصيات معروفة في الساحة الثقافية والسياسية.

مسألة الخطاب السياسي مسألة حساسة للغاية لما يسببه الخطاب السائد اليوم من إحباط وتشاؤم ، وما يبثه من شك وارتياب لدى عامة أبناء الشعب والمواطنون الذي يتطلعون إلى نجاح العملية السياسية والخروج من المأزق السياسي الخطير لكونه خطاب جهوي وفئوي بائس. ولذلك نتطلع إلى اتخاذ الإجراءات اللازمة من قبل القيادة السياسية لوضع حد لسوء الخطاب السياسي وتحديداً الخطاب السياسي الذي تتبناه الأحزاب والقوى السياسية الفاعلة في الساحة.

فالخطاب السياسي السائد اليوم يعاني من اعوجاج كبير ومن تناقضات كثيرة، ولن يخدم أحد على الأطلاق على المدى البعيد، بل سيعيق أي حل سياسي وجذري لمشاكل البلاد المعقدة. وبالتالي سيؤدي إلى تفويت الفرصة الأخيرة والذهاب بالبلاد إلى خيارات أكثر مرارة.

*مدير عام الإعلام-محافظة شبوة

Asa-asa1234@hotmail.com

 

 

مقالات أخرى

مستقبل الأمة العربية ... بين جنون نتنياهو وتهريج ترامب

د . خالد القاسمي

وإن تأخرت فقد أتت في وقتها ولا تراجع عنها أو التوقف عندها

صالح شائف

نضالنا المستحق .. ونضالهم المدفوع .

فضل مبارك

أيهما اولى بالدعم المركز ام المدرسة!

عادل حمران