الحكومة بطاقمها ورئيسها في زيارة عمل لمدينة عدن الجميلة.. خبر تفاءلنا به كثيراً لعل من مخرجات هذه الزيارة ما ينفع عدن وأهلها.
اهتمام الحكومة صاحبه أيضاً اهتمام محافظ عدن وبالذات فيما يتعلق بالبناء العشوائي في مدينة عدن كأهم اهتمامات السيد المحافظ الذي بدا نشطاً وحريصاً في التخلص من العشوائيات حتى تظهر مدينة عدن بمظهرها الجميل، وفي رأينا أن البناء العشوائي في عدن يمكن أن يُصنف بثلاثة أصناف :
الصنف الأول : موظف ضعيف محدود الدخل رأى أُسرته تتوسع ولا يقدر على استئجار بيت أوسع وليس لديه ما يدفعه عمولة للحصول على ترخيص بناء ، فاضطر أن يبني عشوائياً (حوش صغير) يتناسب وقدراته المحدودة أو أن يبني عشوائياً غرفة إضافية على سطح منزله تساعده في تخفيف معاناته ، أو أن شاباً يريد الزواج فلا يقدر إلاَ على غرفة بسيطة يبنيها عشوائياً في حوش منزله أو فوق السطوح.
الصنف الثاني: رجل فتح الله عليه متيسر الحال يبني أكثر من ثلاثة أو أربعة أدوار وربما خمسة أو سبعة أدوار في منطقة سكنية مكونة من دور أرضي واحد (منطقة ريمي مثلاً) وقد يكون ذلك بترخيص رسمي ولكنه بالقطع (عشوائي أخلاقياً).. فمن المعروف أن قوانين الإسكان التي عهدناها في العهود السابقة لا تسمح بالبناء إلاَ حسب نموذج البناء القائم في المخطط أما من يزيد على ذلك فهو إما (عشوائي بالقوة) لا أحد يجرؤ أن يقترب منه أو أنه تحصل على ترخيص بناء رسمي بعمولة صريحة وبالتالي فهو (عشوائي أخلاقياً).
الصنف الثالث: متنفذون ومتسلطون بسطوا أيديهم عنوة على متنفسات ومواقع أُخرى مفتوحة استثناها تخطيط الاسكان من العمران لأسباب فنية وبيئية وقاموا ببناء عمارات طويلة عريضة (سكني- تجاري) فكان لها تأثيرات سلبية أقلها أنها تخرج عن المخطط العام أو تعرقل السير أو تصد الهواء أو تحجب الرؤية.. ثم بعد ذلك يستخرجون (ترخيص بناء رسمي) باعتبارها أمر واقع مع العمولة المعهودة.
وهنا أود أن أنقل واقعة حقيقية شاهدها أحد الزملاء حسب روايته.. ففي يوم من الأيام وفي سنة من السنوات الماضية جاء محافظ عدن في ذلك الوقت ليصلي صلاة الظهر في مسجد الحي وبعد الصلاة لفت انتباه المحافظ وجود عمارة ضخمة (سكني – تجاري) بجانب المسجد وفي موقع بدا واضحاً أنها خارج المخطط بالإضافة إلى أنها تقطع الطريق وتحجب الرؤية ، فالتفت السيد المحافظ إلى شلته وتساءل مزمجراً : لمن هذه العمارة ؟ فجاءه الجواب هادئاً: هذه تبع الفندم فلان.. فابتلعها المحافظ وأصابه العجم وغادر بصمت وكأن على رأسه الطير.
هذا شيء بسيط مما نعرفه وربما هناك الكثير من الخفايا التي نجهلها ولكنها جميعها تصبُ في اهتمامات السيد المحافظ ، ولم يبق أمام السيد المحافظ إلاَ أن يتخذ القرار : بمن يبدأ ؟ .. ونأمل أن لا يبدأ بالضعيف المحتاج صاحب الغرفة البسيطة العشوائية التي يريد أن يزوج بها ابنه.
إلى جانب العشوائيات في البناء في اعتقادنا هناك عشوائيات في الخدمات أيضاً يمكن أن تشكل اهتمامات أُخرى للسيد محافظ عدن منها طفح المجاري في شوارع عدن ومناطقها السكنية وانتشار الزبالة والمخدرات بأنواعها عند الشباب والعاطلين وانقطاع الكهرباء وشحة المياه.. وغيرها الكثير الكثير.
مقالات أخرى