عوض علي حيدرة
إلى فرسان 13 يناير 2006م مع التحية

اكتشف الجنوبيون أنـهم ناموا في 21 مايو 1990م على دولة ذات سيادة، واستيقظوا في اليوم التالي على الحصيرة.. وأن 22 مايو 1990م مـجرد حلم جـميل من أحلام اليقظة، وبعد ما وقعت الفأس في الرأس في 7 يوليو 1994م، تولد إحساس وشعور لدى أبناء الجنوب ليس باليأس والإحباط فحسب، بل مقطورين بانتماء إلى وطن لا ينتمي إليهم، وبأنـهم أيضاً مقطوعي الجذور عن صلة المشاعر الوطنية والتاريخية والدينية والأخلاقية بالوحدة اليمنية، جراء المظالم والقهر والمعاناة التي يكابدونـها – لغاية اليوم – نتيجة تلك الحرب الظالمة ،وعلى خلفية ذلك، قرر العقلاء المخلصون الأوفياء من أبناء الجنوب، بعد حوارات ونقاشات مستفيضة، دامت قرابة (12) عاماً، توجت بعقد لقاء التصالح والتسامح والتضامن في 13 يناير 2006م، في جمعية ردفان الخيرية الاجتماعية في محافظة عدن، وكان ذلك اليوم كما قال الأستاذ نجيب محمد يابلي:" كان ذلك اليوم يوم الحشر والنشر في الجنوب (عدن) ويوم الهستيريا والهلوسة في الشمال (صنعاء).

"وبالأصالة عن نفسي ونيابة عن كافة المخلصين الأوفياء للوطن والشعب في الجنوب، نتقدم بالشكر والتقدير ونرفع القبعات إجلالاً وتقديراً إلى كل الفرسان الأبطال الذين ساهموا وشاركوا في تحقيق هذا الهدف النبيل السامي، الذي يعتبر حدثاً استثنائيا في تاريخ الجنوب بكل المقاييس، توج بالانطلاقة المباركة في 7 يوليو 2007م، وإذا ما كان إعلان التصالح والتسامح والتضامن في 13 يناير 2006م بمثابة اعتذار تاريخي، كرد اعتبار للوطن والشعب عن أخطاء وكوارث إنسانية ودورات دموية، منذ عام 1967 ومرحلة حكم الحزب الاشتراكي اليمني للجنوب، فإن ذلك التاريخ يـجُبُّ ما قبله بين الفرقاء المتقاتلين، أدى ذلك الاتفاق إلى فتح صفحة جديدة لتاريخ ليس فقط في السلام والوئام والنضال الوطني المشترك والتعامل والعلاقات، وإنما تم الانفتاح على القوى السياسية الأخرى في الجنوب، وعلى الرغم من الاعتزاز والفخر والإيمان بما حققه الصناديد الميامين في ذاك اليوم الأغر، فإننا نرى - انطلاقا من المعطيات التاريخية – أن المراجعة مبدأ صحي ضروري في التاريخ الإنساني، مراجعة فكرية وسياسية وتاريخية وممارسة، بعد 8 سنوات، فيما أصاب وأخطأ الحراك الوطني الجنوبي في تجربته خلال نضاله المشروع والعادل، وهذا مطلب مُلِحّ وضروري، خصوصاً للوقوف أمام ما تحقق ولمعرفة وفحص المعوقات والعراقيل السياسية والفكرية والثقافية والتاريخية، التي صاحبت المكونات الجنوبية منذ نشأتـها ، فمن يعرف – ولا يريد أن يعترف – أن الخارطة السياسية والاقتصادية والاجتماعية قد تغيرت في الجنوب، فإنه كمن يحاول أن يغطي الشمس بالغربال (الـمُنْخُل)، وخاصة والحراك الوطني الجنوبي قد كشف أفضل ما فينا وفي نفس الوقت كشف أسوأ ما فينا، عندئذ نقول إن الواقع الشيطاني يفرض بالضرورة شروطه اليوم، وحقائق الأمس أوهام عفا عليها الزمن.. وأمجاد شعب الجنوب اليوم، الذي لا يهاب الموت، لا يمكن إلا أن تكتب له الحياة والنصر، وللشهداء الأبرار الذين قدموا حياتـهم رخيصة من أجل وطن عزيز حر، من أجل الكرامة الإنسانية.. والتجربة هي البرهان، وغير ذلك كلام في الهواء.

ونقول لمن يجهل أو يتجاهل الواقع المؤلم، ويدعي عكس ذلك، في الوقت الذي ما يزال في خندقه القديم: خلي بقرة تلحسك، يحوّل بعض فرقاء الحراك الوطني الجنوبي النضال على جهتين في آن واحد.. يناضلوا بالأقوال أكثر من الأفعال، الجبهة الأولى يناضلوا من أجل فك الارتباط من نظام القراصنة في صنعاء، والجبهة الثانية يناضلوا من أجل استعادة اكتساب الشرعية من جديد في الجنوب، باعتبارهم كانوا بالأمس الممثلين الشرعيين، الذين وقعوا على إعلان ورطة 22 مايو 1990م مع الشمال، وفي نفس الوقت يتصورون من خلال سلوكياتـهم – عن طريق الإرهاب الفكري والمزايدة والمزاحمة على الميكرفونات – أن بإمكانهم التقدم إلى الأمام عن طريق وضع قدمٍ في الماضي وقدمٍ أخرى في المستقبل.. وهذا من حقهم.. ومن حقنا عليهم أن نلفت انتباه الإخوان، انطلاقا من المسؤولية الوطنية والتاريخية المشتركة، إن حقائق الحياة والتاريخ ليست بالشعارات والبيانات، التي تفتقر إلى الصدق والموضوعية أو حتى وضوح الرؤية، تتأكد الشرعية ويصبح ممكناً الخروج من مأزق الماضي والانقسامات، وإنما بالعمل الجاد والمخلص لتحقيق وحدة وطنية جنوبية حقيقية على الأرض وإنهاء الانقسامات ما بين القيادات في الداخل والخارج لنصرة شعب الجنوب كسبيل وحيد للانتصار.

مقالات أخرى

مستقبل الأمة العربية ... بين جنون نتنياهو وتهريج ترامب

د . خالد القاسمي

وإن تأخرت فقد أتت في وقتها ولا تراجع عنها أو التوقف عندها

صالح شائف

نضالنا المستحق .. ونضالهم المدفوع .

فضل مبارك

أيهما اولى بالدعم المركز ام المدرسة!

عادل حمران