من غير المعقول أو المقبول أن تختزل تطلعات وأحلام شعب في "رغبة" أو نزوة شخص أو جماعة.
ومن غير المنطقي أن تجيّر أهداف وطن لصالح مشروع صغير لطرف معين.
كما أنه من غير اللائق أن تختصر معاناة عشرات السنين تجرعها أبناء الجنوب لتستقر وكأنها مجرد كابوس حلم تحطم على وقع "نية" و"توجه" هذا القيادي أو ذاك.
وبالأمس وفيما كانت حشود الشعب الجنوبي التي تحملت ويلات السفر من كافة مناطق الجنوب مثلما تحملت قمع النظام طوال عقدين من الزمن.. كانت تحلم بأن ترى بصيص نور يضعها على عتبات أمل.. من خلال ما يسفر عن فعالية التصالح والتسامح لتصاب بخيبة أمل.. في يوم كان ينبغي فيه أن تطوى كل صفحات الخلاف والتباين ولو لساعات نهار فقط.. لكن للأسف كان استحضار ما يؤرق حلم وتطلعات الشعب.. لقد عمدت بعض القيادات على أن لا تسطر في يوم 13 يناير صفحة التصالح والتسامح.. وسعت إلى الوقيعة ودس السم في العسل.. بإذكاء نيران مأساة الثالث عشر من يناير التي قال فيها شعب الجنوب الابي كلمته ومضى.. قال إنها صفحة من ماض طويت إلى غير رجعة.
لقد تبارت كثير من القيادات واتباعها وتنافست في إصدار بيانات وبيانات مضادة بالمناسبة.. وكلها تدعي حب "ليلى" و"ليلى" بريئة من حبها.
يوم أمس كان عنوانا زاهرا للتصالح والتسامح تجسد من خلال ذلكم التعاطي الايجابي معه من قبل جموع الشعب البسطاء.. الذين سطروا ملحمة ذلك المنهج والمبدأ وعملوا على تجسيده واقعا ملموسا.. فيما هناك أطراف وقيادات أبت أن تتعاطى مع هذا الفعل الثوري التصالحي الذي يجسد قيمة موضوعية ومعنوية شكلت الانطلاقة الرئيسية والأساسية للفعل الجنوبي المتصاعد اليوم.
إن ما وزع أمس من بيانات كان في مجملها ينأى عن عظمة الحدث ويقزم موضوعية الذكرى إلى "هوس" سياسي وحملت تلك البيانات رؤى وأفكار سطحية من المعيب جدا أن تحمل مسمى "بيان سياسي" يصدر عن فعالية كهذه.. ناهيك عن حجم المغالطات التي سعت بعض من تلك البيانات للترويج لها واعتبارها جوهر خلاص الجنوب في عملية احتكار سافرة ومصادرة لحق قوى سياسية جنوبية أخرى.
لقد أضاعت بعض الأطراف والقيادات الفرصة يوم أمس مثلما أضاعت عشرات الفرص غيرها لاحتواء فعل الجماهير والسير به نحو تحقيق هدفها، وهذا يعطي دليلا واضحا على أن مسعى القيادات غير مسعى الجماهير في الساحات.
فالساحات تبحث عن وطن بقيم مدنية/تسامح/تصالح.. فيما القيادات تعمل على استثمار هذا الوطن ونضالات ساحاته.
ولا عجب فشر البلية.. ما يضحك.
مقالات أخرى