احمد عبدربه علوي
واقعنا العربي اليوم

الحروب دائرة فقط في البلدان العربية والفوضى تعمها كحالتنا في اليمن، في سوريا، العراق، ليبيا وكحالة لبنان لم تتوقف المكونات السياسية باختيار رئيس الجمهورية إلخ.. مما يجعلنا أن نتساءل: من حق العرب أن يخجلوا من أنفسهم والعالم يشهد مذابحهم وجرائمهم ومؤامراتهم ضد شعوبهم، وكلها صناعة عربية مائة في المائة تحمل طابعا عربيا ومغلفة بأوراق الحقد والكراهية والتخلف العربي.. للأسف أن الأمة العربية وهي تسطر تاريخها الجديد يبدو وكأنها تتقدم للخلف.. والغريب أن أسياد الفتنة ورؤوسها في تزايد.. وكل يغني على ليلاه ويقذف الأخرين بحجارته نقنع أنفسنا بأن الربيع كان عين الصواب مهما قال المتبجحون المتضررون من التغييرات التي أوجدها (الربيع العربي)، دعونا نرجع قليلا عن ما يصير ويجري في وطننا العربي فهو البقعة الأكثر حروبا في العالم.

لا نظن أن الأمة العربية عاشت مرحلة مليئة بمشاهد الأحباط والتشاؤم مثل التي نعيشها الآن، ولا نبالغ إذا قلنا أن هناك بعض من الدول العربية تجري فيها الحروب مثل سوريا والعراق وليبيا ومصر ولبنان في أكثر من جهة والبحرين واليمن وغزة غير مستقرة ولا هادئة مما جل البلاد العربية أضحوكة أمام العالم.

لاشك أن الكثير منا يدرك ويعرف أن الأنظمة العربية لم تكن في أي وقت من الأوقات أضعف مما هي عليه اليوم فهي في حالة ارتباك بعد تعرضها للإهانة وفقدان المصداقية والتهديد المستمر من قبل القوة الأعظم (أمريكا) أثناء ما احتلت العراق أثناء تواجد حكم (الرئيس العراقي) صدام حسين ومن قبل ذلك حرب حزيران 1967 الذي ظهر لهذه الدول الغربية وفي المقدمة أمريكا واتضح لها هشاشة الانظمة العربية وانكشافها للخطر الخارجي وبالضبط على الأنظمة العربية إصلاحات سياسية جوهرية اتضح سوء أنظمة الحكم العربية وعجزها عن اللحاق بالعصر.. وهذه الحقيقة ينبغي أن تستنفر فينا كل طاقات وقدرات الرؤية، لنعي حجم الأخطار المحدقة إذ لن تتوقف محاولات تمزيق الأمة العربية وقطع أوصالها ولن تتوقف جهود البث والترويج للوقيعة بين الجماهير العربية العريضة ولن تسكت أصوات جاهلية هذا الزمان الداعية الى كافة صور ونعرات الشعوبية والطائفية .

الآن نحن في ظل هذه الظروف السيئة أشد ما نكون بحاجة الى التضامن العربي نريد أن يجعل من بلادنا سكينة وأمن وامان، كفانا شعارات.. وكلمات فخمة رنانة لحيث وإن الأمر لم يعد كذلك وللأسف الشديد أصبحت الكلمة مطلوبة في حد ذاتها وقشة قد نعبر بها الى منطقة آمنة وأكثر استقرارا للتفكير والتأمل، نحن اليوم في حاجة الى التضامن والتكاتف العربي الحقيقي لا شعارا تلوكه الألسنة وتتشدق به الأفواه.. وإنما نحتاج ارتفاعا فوق الألم وامتصاصا للمرارة والغيرة.. واعترافا بأن ضرورات التاريخ والجغرافيا في الوطن العربي لا يمكن التغافل عنها أو الهروب منها.. كل الخلافات بين الدول العربية يجب أن توضع الآن على الرف لا يجوز ان تشغل شعوبنا وحكوماتنا بهذه المعارك الفرعية والعالم اليوم يشكل مكونات اقتصادية بعضه ببعض، كل دول العالم اليوم تتفاءل بالسلام والأمان بعد الانتهاء من الحرب الباردة وبزوغ نظام عالمي جديد عالم المصالح السياسية والاقتصادية يحمل في طياته بوادر التعاون والتفاهم وحل الصراعات والخلافات والمهاترات والخصومات بالمفاوضات والحوار.

حل مشاكل العرب لا تكون بالكلام ولا بالتصريحات ولا بالهتاف والتصفيق ولكنها من خلال النوايا الصادقة والعمل الصادق المخلص تحل في أول لقاء بين الأطراف المتخاصمة لا يمكن أن يلفنا الحزن و يعتصر فينا الألم ونحن نرى أحوال العرب تؤول الى ما آلت اليه وعلينا ان نندد بكل من تسببوا بهذا الجرح وأوصلوا العلاقات العربية الى ما وصلت إليه من فرقة وتنابذ وتناحر فأي منعطف ومأزق يعيشه النظام العربي برمته والى متى هذا الانهيار ومن يوقفه أليست العروبة بكل تجلياتها وكبريائها هي المصلوبة على خشبة أعدائنا .. انظر ماذا يحدث اليوم في بعض الدول العربية من نسف وانفجارات واقتتال عكس الكثير من دول العالم التي تعيش في أمان واستقرار تبني أوطانها بدون معارك واغتيالات فهل كل هذه الفوضى في النظام العربي وفي القرار العربي وفي الرؤيا العربية هي لخدمة قضايانا وشفاء أمراضنا أم أن كل هذا الذي يحدث من تدمير لقوى الأمة العربية وتبديد لخيراتها يقودنا للفاجعة المرتقبة ويعطي لأعدائنا المزيد من ضربنا كما يعطيهم المبرر تلو المبرر للانقضاض على هذه الفريسة السهلة حتى تلفظ أنفاسها وتستسلم لقدرها.. يجب أن نسمي الأشياء بأسمائها وأن نؤشر بكل شجاعة على كل الذين ساهموا في هذه الحالة وهم بالحقيقة وراء كل مصائبنا وذهاب ريحنا وتدمير كل أحلامنا يبدو أنه كتب على العرب أن تكون الأزمات والمشاكل والكوارث من نصيبهم ومن صنع أيديهم .. إنهم مرضى بالساديزم وهو الأمر الذي يجعلهم يستمتعون بتعذيب النفس وتعذيب شعوبهم بالفرقة والتشرذم ، إنهم يلهثون وراء التبعية نتيجة فقدان الثقة في انفسهم وفي عروبتهم.. أخطر ما يمكن أن يصيب العرب هو فقدان الثقة بالنفس.

صحيح أن حالنا لا يسر عدو ولا حبيب وفي كل يوم يزداد أفق المستقبل قتامة لكن الاستسلام للعجز يعني وضع نقطة النهاية لحياة هذه الأمة وتسليم زمامها الى غيرها ولا عجز أكبر من أن تفضل في مجرد الجلوس لبحث مشاكلنا.. من هانت عليه نفسه هان على الاخرين وهذا يا حضرات حال أمتنا العربية المنكوبة التي غرقت في مستنقع الخلافات والحساسيات والنزاعات الاقليمية وسلطة الكرسي ومن ثم فقدت القدرة على مواجهة المخاطرة والتحديات واستهان بها اللي يسوا واللي ما يسواش فزاد أعداؤها وكارهوها في امتهانها وازدراؤها واغتيال حقوقها وانتهاك أعراضها كما تشهد أرض فلسطين وأرض العراق وأرض ليبيا والبقية تأتي وكان من الطبيعي ان يتخلى عنها اصدقاؤها, فلماذا يحرجون أنفسهم بمساندتها رغم وقوف الحق الى جانبها ما دامت هي منقسمة على نفسها وتسارع بعض دولها الى الانبطاح وتسول ارضا الأعداء حتى لو كانت على حساب الدول الشقيقة.. للأسف إن كثرت الهموم على العرب وكلنا قادرون بفضل الله على احتمالها وتبديدها ومن الخير أن نوطن أنفسنا على احتمال ما تجيء به الأقدار مهما يكن ثقلها علينا.

 

مقالات أخرى

العميد أحمد قايد القُبّة

علي شايف الحريري

( الوحدة مع ايران)

م. جمال باهرمز

محطة التشاور الأخيرة في الرياض .. آن الأوان لوضع الأمور في نصابها

صالح شائف

مستقبل الأمة العربية ... بين جنون نتنياهو وتهريج ترامب

د . خالد القاسمي