إن من نافلة القول أن وصول جماعة الحوثي الى سدة الحكم وتوليهم زمام الأمور لا يغير في الوقائع الجنوبي شيئاً فالجنوب بوجود الحوثي لن يتحرر ولن يستعيد سيادته وقراره وأيضاً لن تتوقف جرائم القتل التي يرتكبها المحتل اليمني بحق أبناء الجنوب ولن تنتهي معاناة الجنوبيين فالحوثي جزء لا يتجزأ من القوى السياسية المهينة والمتنفذة في نظام صنعاء وهو شريك في اجتياح الجنوب واحتلاله عسكرياً في حرب صيف 1994م ، وهو من نهب جبل حديد الذي كان يوجد فيها ترسانة عسكرية مهولة...!!... وأعتقد – بل أجزم - أنه من الغباء الاستنفار وحشد كل تلك القوة والجهد بحجة مواجهة التمدد الحوثي ، فالحوثي موجود في الجنوب بالفعل ولا يمكن انكار هذه الحقيقة المرة ، فالمعسكرات الموجودة في الجنوب جميعها موالية للحوثي وعفاش وتمثل الاحتلال ، فالأولى إسقاط هذه المعسكرات والسيطرة عليها وفرض أمر الواقع بدلاً من الانتظار طويلاً في الكهوف والجبال لعدو هو موجود أصلاً بين ظهورنا وأمام أعيننا ...!!.. فالجنوب إذن ليس بخاسر وإنما الخاسر الوحيد من إحكام الحوثي قبضته على مفاصل الدولة هي دول الخليج وبالأخص الجارة القريبة السعودية ... وقد حان الوقت أن تدفع تلك الدول ثمناً باهظاً جراء تجاهلها للجنوب وشعبه الذي نهبت أراضيه وثروته وقاسى ظلماً وجوراً وتعرض لأبشع جرائم الحرب والإبادة التي لم يسلم منها حتى الأطفال والنساء .. .. ويا ليتها ظلت صامتة ومحايدة ، بل أنها رمت بنداءات الجنوبيين واستغاثاتهم عرض الحائط متجاهلة معاناتهم وظلمهم ، مفضلة تقديم الدعم السياسي والاقتصادي وحتى العسكري للشيعة في صنعاء تحت مبرر الحفاظ على أمن واستقرار اليمن ووحدته ومكافحة الإرهاب الذي هو أساساً من صنيعة صنعاء باعتراف قوها السياسية في اكثر من مرة ومناسبة ، وقد كان جزاء دول الخليج من قبل اليمنيين لا يختلف عن الجزاء الذي لاقاه سنمّار ، فيداها أوكتا وفوها نفخ, ومادام أنها لم تزرع سوى الشوك فلن تجني العنب البتة ..!!..
نعم أن السياسات الخاطئة لدول الخليج قادتها إلى نهاية حتمية تراجيدية ، وسهلت على نفسها لف المشنقة الفارسية على عنقها من جميع الجهات بما في ذلك الجهة الجنوبية التي كانت المتنفس الوحيد لها بعد محاصرة إيران لها في العراق وسوريا ولبنان ... وللأسف الشديد أن دول الخليج حتى اليوم لم تدرك بالأخطار المحدقة بها وما يحاك ضدها ، وخير دليل على ذلك هو البيان الذي صدر عن اجتماعها الطارئ والمخصص للنظر في تطورات الاوضاع باليمن والذي جددت جحودها وموقفها التآمري المعروف على القضية الجنوبية ... وحتى عودة هادي إلى عدن يأتي في إطار التآمر الخليجي على الجنوب والهادف إلى وأد القضية الجنوبية وتمييع ثورته من خلال فرض الفيدرالية والأقاليم بحسب ما نصت عليه المبادرة الخليجية .. ولكن أنى لهم ذلك ...؟!!
أخيراً إذا كانت لا تثق دول الخليج بالجنوبيين فعليها السماع من مثقفيها وكتابها الذين طالبوا أكثر من مرة الوقوف إلى الجنوبيين للحفاظ على مصالحهم وقطع الطريق أمام من يتربص بالخليج شر ... فهل هم فاعلون ..؟!!
مقالات أخرى