خالد علي صالح
بعيدا عن السياسة..ابعدوا صراعاتكم عن عدن يكفيها حروب وفتن

عدن مدينة عالمية تجاريا وصناعيا

يكفي عدن ما حدث لها، يكفيها حروب ومؤامرات وفتن وصراعات سياسية ودموية، والتي لم تكن في يوم من الأيام في صالح هذه المدينة (العالمية) سابقا بكل ما تحمله هذه الكلمة من معنى وليس في صالح أهلها الطيبين البسيطين سواء السكان القدامى ام الوافدين إليها والذين جاءوا من شتى أنحاء العالم ليعمروا فيها ونجحوا في ذلك لان عدن لديها القدرة ان تستوعب جميع الأجناس والأعراق من أحباش وفرس وهنود وانجليز وفرنسيين ويهود وكذا ان تتعايش فيها جميع الديانات من مسلمين ومسيحين ويهود حتى الديانات الأخرى من هندوس وبوذيين وذلك لما تتمتع به عدن من ثقافة وعلم وسلوك حضاري في جميع المجالات وكذا إيمانها بالعيش والتسامح الديني المشترك لكل تلك الديانات والأعراق.

أيضا هؤلاء الذين جاءوا الى عدن في تلك الأزمان غالبيتهم جاءوا بعلمهم وثقافتهم وتجارتهم وسلوكهم الحضاري واحترامهم للنظام والقانون ولم يأتوا الى عدن (بالجهل وبالمناطقية او بالحزبية او بمنهج القبيلة والنهب او بالهمجية او بالسلاح او لأجل النصب والاحتيال)، لأجل ذلك لكانت عدن في الماضي مركزا مهما للعلم والثقافة والتجارة والحضارة والمدنية وهذا جعلها تزدهر وتتقدم على كثير من البلاد في جميع المجالات.

وحتى يكون كلامنا مناطقيا وصحيحا ندلل على ذلك في بعض الأمثلة نقتطفها من كتاب (عدن تاريخ ووطن) للكاتب الباحث (بلال غلام حسين) 1839-1967م.

ميناء عدن كان يعد ثاني ميناء في العالم بعد ميناء نيويورك في أمريكا.. هذا بفضل الموقع طبعا وبفضل الإدارة والخدمات وهي الأهم أيضا.

أيضا نذكر أمثلة في مجال التجارة والأهم هو كيف تعايش في هذه المدينة الانجليزي والفرنسي والفارسي ليتحاوروا مع بعض بشرف ويعمروا عدن ففي 1897 تأسست شركة (الانجليزي) لوك توماس في مجال التحويلات المالية والاستيراد والتصدير.

وفي 1850 شركة (الفارسي) كوسجي شيفها كشاه (دنشو) الملقب صاحب عدن أنشأ صناعة المياه والثلج تم الاستيراد والتصدير والأعمال المصرفية إلا أنه تم تأسيسهما في 1969 بدلا من الاستفادة وتعامل معها وفي 1899 وصل (الفرنسي توني بس) واسس عددا من الشركات أهمها أول شركة طيران في 1936 جميع هذه الشركات ساهمت في ازدهار المدينة وانعكست على معيشة السكان اضافة الى قيام أصحابها بمشاريع خيرية.

العلم نور في عدن

وفي مجال التعليم يرجى منكم أعزائي التركيز على الأعوام..

في 1866 تم افتتاح أول مدرسة تعليمية ابتدائية ثانوية لأبناء عدن وللأجانب.

في 1925 افتتاح أول مدرسة للبنات.

في 1927 وصل عدد المدارس في عدن الى 45 مدرسة.

في 1854 بدأت المطابع في عدن.

كما وصل عدد المكتبات الى 88 مكتبة.

أيضا في مجال الصحافة حيث وصلت مثلا عدد الصحف..

الصحف العالمية الى 17 صحيفة.

الصحف الأسبوعية وصلت الى 35 صحيفة.

الصحف الشهرية 7 صحف.

والأهم أيضا ان بعض هذه الصحف أسستها نساء كما وصلت الصحف الانجليزية الصادرة في عدن الى 12 صحيفة أرجو ان تتخيلوا معي حال عدن حينها.

الإذاعة والتلفزيون الاولى في المنطقة

1954 بدأ البث الإذاعي.

1964 بدأ البث التلفزيوني.

في مجال المسرح ظهر المسرح في 1904 (فرقة هندية) ثم في 1920 فرقة محلية.

وبالتأكيد هذه مجرد أمثلة بسيطة نستدل بها على مدى التقدم والازدهار والعيش المشترك والتسامح الديني والسعي الحثيث الى التطور في جميع المجالات في ذلك الزمن الجميل.

ازدهار متنوع

ان هذا الازدهار والتطور المستمر وفر الاستقرار السياسي والأمني واحترام النظام والقانون وعدم وجود البيروقراطية والروتين الممل وعدم وجود الرشوة وعدم وجود نفوذ السلطة وتدخلها في جميع المجالات ووجود القضاء النزيه والمستقل وهو الأهم وعلى ما تقدم ذكره من إنجازات وحدوثها في الزمن الجميل لمدينة عدن فمن بديهيات التاريخ ان تكون عدن حاليا في مصاف الدول المتقدمة على المستوى العالمي.

ولأننا لم نحافظ على ذلك التاريخ وتلك الإنجازات ونبني عليها وبدلا ان تكون عدن وبالتالي اليمن من الدول المتقدمة أصبحت وأصبحنا من الدول المتخلفة والمتخلفة جدا والله يعلم ما تخبئه لنا قادم الأيام.

ممارسات ارجعت عدن الى الخلف

لأننا منذ 1967 ادخلنا عدن في صراعات سياسية ودموية وفتن ومؤامرات وعدم استقرار وادخالنا عليها الحزبية وصراعات والتنظير السياسي الذي يتنافى مع طبيعة عدن ثم (التأميم).

وتوقف الاستثمار وهروب رؤوس الأموال وهروب الخبرات من عدن ولم نكتفِ بذلك بل استمرت الصراعات السياسية ومازالت.

ثم دخل على عدن زمن الهمجية ونفود واستقلال السلطة والمحسوبية والتخلف والنهب والرشوة والابتزاز والسلاح وعدم المدنية بل جاء منطق القبيلة وما تمثله من تخلف في كثير من المجالات ولذلك لم تتقدم عدن لأنها ببساطة لا تقدر ان تنهض في هذا الجو فهي غير متعودة على هذه النماذج ولأنها لا تحب العيش المشترك والتسامح والسلام وحياة الرقي والحضارة وليس حياة العنصرية والقبيلة والمذهبية وأرجعتها مئات السنوات الى الخلف.

ضعوا منطق التخلف خارج عدن

لذا نقول وبكل الصوت ابعدوا صراعاتكم المذهبية والسياسية والحزبية والقبلية عن عدن الحبيبة اذا كنتم تريدون عدن ان تعود وتستمر في التطور ويجب ان تتعاملوا فيها ومعها بمنطق العلم والقانون والنظام والثقافة والحضارة والرقي.

وعليكم ان تضعوا منطق (القبيلة والهمجية والمذهبية والسلاح هناك في القرية ولا تدخلوه الى عدن.

 

 

مقالات أخرى

العميد أحمد قايد القُبّة

علي شايف الحريري

( الوحدة مع ايران)

م. جمال باهرمز

محطة التشاور الأخيرة في الرياض .. آن الأوان لوضع الأمور في نصابها

صالح شائف

مستقبل الأمة العربية ... بين جنون نتنياهو وتهريج ترامب

د . خالد القاسمي