خالد علي صالح
بعيدا عن السياسة.. الحراك وكيف يتجنب المحظورات من قطع الأرزاق والطرقات إلى إحراق الإطارات وهل لديه أي خيارات أخرى؟

أعرف ان هذا العنوان قد يستفز البعض وربما يطلق على كاتبه انه ضد الجنوب او يتهمه بالخيانة لدماء الشهداء بإذن الله هنا أنا لست في موضع اتهام أقلها بيني وبين نفسي لأجل أعمل مرافعة طويلة عريضة عن حبي للجنوبيين وعدن خاصة ولكن أطلب ان من يقرأ هذا أن يكون موضوعيا ويتفكر بعمق حول كل ما يتضمنه وينظر إليه من جميع النواحي "الدينية والأخلاقية والنظام العام"، ويدخل في حوار هادئ مع نفسه أولا ثم مع الآخرين حتى يصل الى خلاصة كيفية وضع أي معالجات مستقبلية لصالح هذا الوطن الذي "أصبح قضية".

اذا نبدأ من الناحية الدينية وطالما نحن مسلمون يتوجب علينا ان نتقيد بتعاليم هذا الدين اذ انه ببساطة جاء لمصلحة الإنسان لأجل ان يعيش حياة سليمة وعلى الصراط المستقيم.

ان الدين الإسلامي حريص على سلامة الفرد والأسرة والمجتمع على قاعدة "لا ضرر ولا ضرار"، اي لا تضر نفسك ولا تضر غيرك والمجتمع والشريعة الإسلامية جاءت للمحافظة على "المصالح الضرورية" للناس وقد حصرها الشرعيون في خمس: الدين والنفس والعقل والعرض والمال.

نبدأ.. أولا: قطع الطرقات

ان قطع الطريق بأي وسيلة كانت تعبر عن المحظورات ان لم نقل من المحرمات وهو مفسدة وقد وصف الله سبحانه وتعالى هذا العمل انه من جملة الفواحش وذلك على لسان النبي لوط عليه السلام بقوله لقومه :"ولوطا اذ قال لقومه إنكم لتأتون الفاحشة ما سبقكم بها من أحد من العالمين، إنكم لتأتون الرجال وتقطعون السبيل وتأتون في ناديكم المنكر"، الآيات 28-29 سورة (العنكبوت)، جعل قطع الطريق من الفواحش ايضا قائدنا وسيدنا رسول الله (ص)، وبما انه قدوتنا يلزم علينا ان نتبعه عندما يعتبر هذا الفعل أذى للمسلمين بقوله الواضح الصريح "إماطتك الأذى عن الطريق صدقة وإرشادك الرجل الى الطريق صدقة"، وليس قطعك الطريقة وأيضا في حديث اخر قال : بينما رجل يمشي بطريق وجد غصن شوك على الطريق فأخره فشكر الله له: "فغفر له ان شاء الله".
فاذا كان إزالة الأذى فيه خير ثواب ومغفرة والجزاء يكون الجنة فما بالك بالذي يضع الأذى من أحجار وأشجار وغيرها لقطع الطريق على المسلمين فهو من المؤكد قد ارتكب فعلا فيه شر وعقاب وجزاؤه نار جهنم"، والعياذ بالله.

الخليفة عمر رضي الله عنه كان يخاف ان يحاسبه الله سبحانه وتعالى ويسأله عن الشاه اذا عثرت في الطريق.. لكن للأسف كثير من الناس في هذا الزمن الذي الكل فيه يبحث عن حقوقه ونسي ان يؤدي الحقوق التي عليه ومنها حق الطريق، لذا عدم توسعنا في هذا ان لنذكر عسى ان الذكرى تنفع المؤمنين.

أيضا من الناحية الأخلاقية كيف تجرؤ على قطع الطريق أمام أخيك المريض او المسافر او الذي لديه مصلحة مهمة متعلقة بمصيره او أمام طالب العلم لأجل تحصيل علمه ومن ناحية النظام العام نعتبر هذا العمل بعيدا عن حبنا للنظام، كما ندعي وبعيدا عن حضارتنا وتراثنا الجنوبي.

والسؤال المطروح اليوم ماذا حقق هذا الإجراء طول هذه الفترة لصالح هدف أبناء الجنوب في تقرير المصير؟ اذ ليس من المعقول يا اخوة يا قادة ان يقتل شبابنا بواسطة المدرعات او الاطقم من اجل قطع طريق لمدة ساعة او ساعتين أساسا محرم القيام بقطع هذا الطريق.

ثانيا: قطع الأرزاق

أريد اي شخص عاقل ان يقول لنا ما هو تأثير ذلك على الاجهزة والمرافق الحيوية في الجنوب لأجل تعطيلها مما يؤثر على الدولة ثم تقوم هذه الدولة نتيجة هذا التأثير بالنظر لمصالح الجنوب وتلبية مطلبه في تقرير المصير. أيضا هذا الإجراء لم يمس النفط ولا الميناء ولا المصافي ولا الثكنات العسكرية ولا المسؤولين في جميع المرافق لان مصالحهم لم تتأثر ليوم واحد فيه إغلاق أربعة أيام في الشهر يعني المخصص موجود بل يمكن ان يحصلوا على مردود مالي أكثر باعتبارهم يقاومون هذا الإجراء الذي هو أساسا لم يمسهم.

لكن تعالوا نرى الموضوع من الناحية الأخرى من ناحية رزق المواطن البسيط العادي صاحب الأجر اليومي والمحدود يعني المواطن بائع الخضار بائع الصيد والحمالين صاحب البقالة البسيطة وصاحب المحل الى صاحب الشركة الخاصة هم هؤلاء الذين يقطع رزقهم وتحرم أسرهم كثيرا من احتياجاتهم الغذائية اليومية.. صحيح ومؤكد ان الرزق بيد الله تعالى ولكن لا يجب ان تكون سببا في قطع هذا الرزق بهذا الإجراء ويجب ان يكون هذا الاغلاق اختياريا وليس إجباريا.

أيضا نقول لقادة الحراك وللأخرين هل يرضيكم ان يقتل شبابنا من أجل عدم إغلاق بقالة لمدة ثمان ساعات هذا اسمه عبث عبث بأرواح الشباب وعبث بأرزاق الناس ومصالحهم.

من المفروض ان يكون الإجراء لأجل ان يؤثر في مصالح الدولة ولا يؤثر سلبا في مصالح الناس البسطاء وأيضا من الناحية الدينية هذا لا يحتاج الى دليل لأنه أمر واضح ومحرم لأنه في الأخير في النتيجة هو اعتداء على المال الذي جاء الدين الإسلامي لأجل ان يحفظه.

ثالثا: إحراق الإطارات:

معروف جيدا ولا يحتاج الأمر الى كثير من الجهد، ان الدخان المنبعث من احراق إطارات السيارات يسبب أمراضا خطيرة اضافة الى انه يزيد صاحب المرض مرضا خاصة أصحاب الربو "الاستمة" او أصحاب الأمراض الصدرية المختلفة أيضا أحباب الله الأكفال ما ذنبهم ان يستنشقوا (إجباريا) هذا الهواء الملوث وكذا كبار السن.

تعالوا يا قادة نسال أصحاب المنازل خاصة في عدن الغالية والحبيبة وحال الأسر التي تسكن فيها عندما يتعرضون لمثل هذا الدخان ومن المفروض ان اي إجراء نقوم به هو لصالح المواطن لأجل مزيد من كسب الناس وتعريفهم بخيار الاستقلال ومنافعه وليس إجراءات تجعلهم يبحثون عن خيارات أخرى.

والله من وراء القصد

مقالات أخرى

العميد أحمد قايد القُبّة

علي شايف الحريري

( الوحدة مع ايران)

م. جمال باهرمز

محطة التشاور الأخيرة في الرياض .. آن الأوان لوضع الأمور في نصابها

صالح شائف

مستقبل الأمة العربية ... بين جنون نتنياهو وتهريج ترامب

د . خالد القاسمي