مع انطلاقة الثورة الجنوبية لا بد من اتخاذ مواقف جريئة تتوافق وأهدافها، وتصب في مصلحة الجنوب العربي الواحد، بلا مزايدات وبعيداً من تبادل الاتهامات.. فالكل شعب واحد والهدف واحد وهو تحرير الأرض من المحتل الغاصب وإقامة الدولة المستقلة وعاصمتها عدن أصبح الجو مهيئًا أكثر من أي وقت مضى، لتناسى الخلافات بل ودفنها إلى الأبد، والانطلاق لإرساء الوحدة الوطنية على أسس راسخة وقواعد قوية، تقاوم كل ما يعترض سبيلها من مؤثرات وسلبيات وهل هناك أغلى من الدماء التي تدفقه من كل أطياف الشعب الجنوبي، في سباق نادر، لمواجهة العدو الغادر آن الأوان أن نقتنص هذه الفرصة ليلتحم الجميع في صف واحد وخندق واحد، مبتعدين كليًا عن كل ما يشتت الشمل ويزكي نار الاختلاف الذي جربناه طويلاً لكنه لم يأتِ بخير أبداً
جاءت ثورة ابناء الجنوب لتدفن ماضياً طالما عانينا فيه من الفرقة والاختلاف، وأضر بقضيتنا كثيراً وأعطى المحتل وقتاً كافياً ليمرر مخططاته في افشال ثورة ابناء الجنوب واستعادة وطنهم وكرامتهم وحريتهم إن التضحيات من كل اطياف ابناء الجنوب ، رجالاً ونساءً وأطفالاً، وتصديهم للعدو الغادر ببسالة، أذهلت دول التحالف بل العالم وفاجأت المحتل، وجاءت لتثبت أن ابناء الجنوب لم ولن يتخلوا عن حقهم في وطنهم، ولن يتخلوا ولو للحظة واحدة عن الدفاع عنه مهما كان الثمن.
أمام ذلك كله، لا بد من إدارة الظهر للماضي بما حفل به من تناقضات، والالتفات إلى الواقع المعاش باستثمار هذه الهبة الجماهيرية الواحدة على امتداد ارض الجنوب الطاهر في سباق فريد في التصدي للمحتل الغادر الذي لا يفرق في قتاله وقتله بين منتمٍ لهذا الفصيل أو ذاك فالكل مستهدف بلا تمييز
اغتنموا الفرصة فقد لا تتكرر، وضعوا نصب أعينكم الهدف الواحد المشترك وهو التحرير.. ولا تعطوا مجالاً لأحد ممن يقول: مع من نتكلم بينما كل فصيل له أجندته الخاصة، و آراؤه التي تناسب هواه؟
ومن هنا بدأ قادة الحراك الجنوبي وقادة المقاومة ومنظمات المجتمع المدني والنقابات بل وكل ابناء الجنوب يطالبون بإعادة اللحمة الجنوبية وبذل كل الجهود ليلتقي الجميع في إطار كيان واحد طالما أن الهدف واحد.. الأمر الذي يبشر بالخير، وسلوك الطريق السوي الذي يرتضيه الجميع
إن هذا التلاحم الجماهيري حول هذه الثورة المباركة، والالتقاء نحو توجه واحد لا يساميه آخر، يبشر بأن النصر لاحت بشائره في الأفق، وأصبح قاب قوسين أو أدنى. انطلاقًا من وحدة قتالية ومواجهة عدو مشترك يستهدف الجميع.
إن هذه البطولات العظيمة، استقطبت كثيرًا من الرأي العام العالمي، وفرضت نفسها على الإعلام، مرئياً ومسموعاً ومقروءاً، وغيّرت كثيراً من المواقف لصالح القضية الجنوبية، وأزالت الغشاوة عن عيون الكثيرين، ممن خدعتهم الدعاية المجوسية ممثلة بعفاش والحوثي ومن ورائهم الشيطان الاكبر حزب الاصلاح الإخواني ، وصورت الحق باطلاً، والظلم عدلاً، والقتل المتعمد دفاعاً مشروعا للحفاظ عن الوحدة المشؤومة
أفاق الكثيرون أمام هذا البطش الهمجي، لينتقدوا الغزاة التي طالما خدعتهم بدعايتها، بأنها الحمل الوديع بين غابة من الوحوش. وذهب البعض أبعد من ذلك ليؤيد صراحة ضرورة انسحاب من ارضنا الطاهرة، وإعلان الجنوب العربي دولة مستقلة، يعيش فيها أهلها بأمن وسلام بعيداً من بطش الغزاة المحتلين.
إن بشائر النصر تلوح في الأفق، وأولها هذه الهزيمة النفسية التي بدأت تنخر في جسد المحتل ، ويستبد بهم الرعب والفزع من جرأة ابناء الجنوب في تحديه لهم ومواجهتهم.. ولن يطول الوقت حتى نرى علم الجنوب يرفرف على كل ارض الجنوب..
والنصر آتٍ.. آتٍ، إن شاء الله.. وإن غدًا لناظره قريب.
مقالات أخرى