"الاقتصاد يترنّح: نهب الإيرادات وغياب الرقابة يدفعان العملة إلى الهاوية"
الأمناء / تقرير : سالم لعور

"اعترافات صادمة لمحافظ البنك المركزي: 147 جهة حكومية خارج السيطرة!"

"ثقب أسود يبتلع الدولة: الكهرباء نموذج صارخ لفساد يلتهم كل شيء"

"من ينهب الدولة؟ حقائق صادمة عن فتح الحسابات الحكومية خارج المركزي"

"حكومة تصرف وعودًا والشعب يدفع الثمن.. هل من حلول جذرية؟"

 

 

عجز حكومي ورئاسي بامتياز في حل معضلة الانهيار الاقتصادي والخدماتي الذي يعاني من أبناء المناطق المحررة الواقعة تحت سيطرة الحكومة الشرعية اليمنية المعترف بها دولياً.

 

لا حلول حقيقية تبدو في الأفق لإخراج البلاد من أزمتها التي تعيشها منذ اندلاع الحرب فيها في مطلع العام ٢٠١٥م ، وحلول ترقيعية مصحوبة بتصريحات وخطابات رنانة لا تسمن ولا تغني من جوع . . مع كل أزمة أو تغيير حكومي جديد نسمع ما مللنا سماعة من وعود كاذبة بإصلاحات اقتصادية وإدارية وخطط لمصفوفة توفير الخدمات ، وتحسين المستوى المعيشي للمواطنين ، وندرك جيداً أنها مجرد أوهام وأمنيات مستحيلة التحقق على أرض الواقع.

 

فساد مستشر في مجال الكهرباء التي يصفها عامة الناس بـ"الثقب الأسود" في ابتلاع المال العام بسبب تفشي ظاهرة الفساد التي شكلت عبئا ثقيلا على كاهل الدولة والمواطنين جراء عدم توافر الحد الأدنى من التيار الكهربائي، إذ ارتفعت نسبة العجز إلى 75%، وخرجت 80% من منظومة التوليد في الآونة الأخيرة، ووصل معدل الإطفاء إلى 20 ساعة يومياً، ولم تخجل الحكومة من عجزها القيام بأي معالجات لوقف حالة التدهور في إنتاج الطاقة وتوفير الوقود لضمان استمراريتها.

هذا مثال حي لا يستطيع أحد إنكاره ، وهناك ملفات فساد لا أول لها ولا آخر ، ترد كلي في أوضاع الخدمات ، وتدهور العملة المحلية ، وعجز في ميزانية المرتبات ، ومحاربة بالعملات ، وبنك لا يحمل غير الأسم ، وصار لا يمتلك في خزائنه ما تمتلكه شركات صرافة .

 

في هذا التقرير نكشف حقيقة أسباب انهيار الاقتصاد الوطني وتدهور العملة والخدمات جراء الفساد ونهب الموارد وغياب الحلول .

ولا نريد أن ندافع عن أي مؤسسة أو جهة بعينها ، وما نريده توصيل الحقيقة الكامنة وراء العجز والفشل الحكومي والاعتراف بهذا الفشل على لسان مسؤولين كبار لهم علاقة بهذا الأمر . .

وكانت تصريحات الأستاذ احمد غالب المعبقي محافظ البنك المركزي اليمني اعترافات صادمة حول نهب الإيرادات بطريقة منظمة وممنهجة ومخالفة للدستور والنظام والقانون . . وأرجع المحافظ " المعبقي" أبرز المشاكل التي تواجهها الحكومة الشرعية إلى عدة أسباب يقف في مقدمتها :

 

 

- توقف تصدير النفط الخام ، مشيراً إلى أن الدولة كانت تعتمد على إيرادات النفط الخام بشكل رئيسي كونها تمثل 65% من الإيرادات العامة .

 

- ويرى المعبقي أن هناك سبب رئيسي آخر لنهب إيرادات الدولة والعبث بها ويتمثل في أن أكثر من 147 مؤسسة حكومية إيرادية لا تخضع لأي رقابة حقيقية ، وهذه الفئة هي الوحدات الاقتصادية من هيئات ومؤسسات وشركات وبنوك والتي تخضع للقانون رقم (35)لسنة1991م بشأن الهيئات والمؤسسات والشركات العام حيث أن إنشاء هذه الوحدات جاء لتقديم خدمة للمواطن ورفد خزينة الدولة من فائض الأرباح بنسبة 65% بينما الواقع ان هذه الوحدات أصبحت عبئا على الدولة  بسبب التزام الحكومة  ممثلة بوزارة المالية بدفع مرتبات الوحدات العاجزة وغياب رفد خزينة الدولة من فائض الأرباح من قبل المؤسسات الربحية والايرادية بسبب فتح حساباتهم في البنوك الخاصة ومحلات الصرافة بمخالفة للقانون المالي رقم (8) لسنة 1990م ، وذلك يتسبب بمنع الحكومة ممثلة بوزارة المالية من خصم حصة الدولة من فائض الأرباح وكذا ضياع السيولة النقدية من البنك المركزي.

 

وحصلت صحيفة " الأمناء " على وثائق كثيرة لوزارة المالية خاطبت خلالها البنك المركزي والوزارات والهيئات بخصوص إغلاق جميع الحسابات الحكومية لدى  البنوك الخاصة والصرافين وفتحها لدى البنك المركزي وهذه المسؤولية تقع على البنك المركزي كونه الجهة التي تمنح تصريح مزاولة المهنة للبنوك الخاصة والصرافين ، وأوضح أنه تم وضع عمل تعميم بمنع جميع البنوك الخاصة والصرافين من فتح اي حساب حكومي لديها  بحسب المادة ( 52 ) من القانون المالي رقم (8) لسنة 1990م ومن يخالف  يتم سحب التصريح منه وتحويله للنيابة بتهمة الأضرار بالاقتصاد الوطني .

 

هذا توضيح ليس إلا ، ولكن يتساءل الرأي العام عن مدى متابعة وتنفيذ هذا القرار ، وهل التزم البنك المركزي بتنفيذ إجراءاته لإلزام الوزارات والهيئات بخصوص إغلاق جميع الحسابات الحكومية لدى  البنوك الخاصة والصرافين وفتحها لدى البنك المركزي أم أنها مجرد ظاهرة صوتية وتوجيهات مجرد حبر على ورق ، ويدفع ثمنها المواطن العادي الذي أكتوى بجحيم انقطاع المرتبات وانهيار العملة وارتفاع أسعار صرف العملات الأجنبية مقابل الريال اليمني الذي أصبح لا قيمة له وفي عداد الموتى .

 

 

ونعود للنهب والعبث المنظم بالإيرادات حيث يرى الأستاذ احمد غالب المعبقي محافظ البنك المركزي اليمني أن غياب الموازنة العامة للدولة سبباً رئيسيا لمعضلة العجز ويجب عمل ميزانية حكومية حقيقية

 

مع العلم ان الحكومة تعمل كل عام موازنة ولا يتم إقرارها بسبب غياب مجلس النواب الذي أنتهت صلاحيته ، وأصبح رئيسه وأعضاؤه لا يمثلون كتلة برلمانية حقيقية ؛ وإنما برلمان إلكتروني يتواجد رئيسه وأعضاؤه خارج الوطن بفنادق خمسة نجوم ،  ويدير أعماله عبر الزوم ومنصات التواصل الاجتماعي ، ونسي مسؤولياته كاملة ، ولا يذكر منها إلا استلام طاقمه من رئيس إلى مرؤوسين عشرات الآلاف من الدولارات كرواتب ونثريات ليس إلا.

 

حقا إنه مجلس نواب الـ " اونلاين " الذي يعد في عداد الموتى بالريال اليمني ، وقد لقي مصيره المحتوم بطرد لجانه من كافة محافظات الجنوب لأنه أصبح مجرد ثراء فاحش لطاقمه ، ومنتهي الصلاحية أيضاً .

 

 

وحسب مراقبون فأن محافظ البنك المركزي اليمني يرى أن  تحرير سعر صرف الدولار الجمركي حلا يسهم في اجتياز الأزمة إضافة لما ورد أعلاه ، وأن هذه النقطة يقاتل عليها محافظ البنك المركزي منذ فترة ، وسيتم استثناء السلع الأساسية من رفع سعر صرف الدولار الجمركي ولكن لا تنفع هذه الخطوة الا بتوحيد جميع الايرادات المركزية طرف البنك المركزي وفي حساب الحكومة العام بحسب القانون وإبعاد يد السلطات الأخرى من نهب الموارد المركزية لتستفيد منها الدولة بزيادة الايرادات وتدفق السيولة النقدية للبنك المركزي .

 

وكتب د. قاسم الهارش مقال له بعنوان : " البنك المركزي بين مطرقة الانهيار وسندان الفساد " أوضح أن " حديث محافظ البنك المركزي مؤخراً كان لافتاً في صراحته وشفافيته وقد نال احترام الكثيرين لتشخيصه الصادق لحالة الانهيار الاقتصادي. لكنه وعلى أهميته لا يكفي. فالناس لا يقتاتون على التشخيص ولا ينتظرون وصفا دقيقا للكارثة بقدر ما ينتظرون حلولا حقيقية وإجراءات ملموسة توقف التدهور وتعيد شيئا من الثقة المفقودة " .

 

وأضاف " لقد تجاوز الموطن مرحلة الصبر الطويل وملوا من الخطابات التبريرية التي لا تغني من جوع. ولم يعد مقبولا التذرع بتعقيد الأزمة أو تحميل المسؤولية للغير. المطلوب اليوم هو الانتقال من مرحلة التحليل إلى مرحلة القرار ومن لغة العجز إلى أدوات الإنقاذ ، والحقيقة التي يجب أن تقال بوضوح إنقاذ الاقتصاد اليمني لم يعد مهمة حصرية على البنك المركزي بل هو تحد وطني شامل يبدأ من مجلس القيادة الرئاسي ويشمل الحكومة بكل وزاراتها مرورا بالسلطات المحلية ولا يعفى منه أي طرف محليا كان أو دوليا " .

 

واستطرد د. الهارش" أين الحكومة؟ أين وزارات المالية والتخطيط والنفط؟ أين الهيئات الرقابية؟ أين المحافظون الذين يتصرف بعضهم بالإيرادات وكأنها ملكيات خاصة خارج سلطة الدولة؟ كيف يمكن إقناع المواطن بأهمية الانضباط المالي بينما تعيش بعض المحافظات في فوضى مالية وإدارية وتدار الموارد وفق مزاج سياسي ضيق لا يخدم إلا مصالح ضيقة؟ وإذ نقدر الدعم السعودي ونثمنه عاليا ، ونؤكد أنه كان ولا يزال سندا مهما للشعب اليمني. لكننا نقول بصدق الوديعة لا تصلح اقتصادا منهارا بمفردها ولا تصنع معجزة في ظل فساد ممنهج وتسيب مالي وإداري. ما تبقى من الوديعة سينفد لكن الأهم هو ما يبنى بعدها " .

وأختتم بالقول : " المعالجة الحقيقية تبدأ بإجراءات إصلاحية جذرية في مقدمتها إعادة تشغيل قطاع النفط والغاز بشكل عاجل توحيد الإيرادات السيادية وتحويلها إلى البنك المركزي وضبط قطاع الصرافة ومكافحة السوق السوداء وتفكيك المنظومات الموازية التي تعبث بسوق العملة وخاصة تلك المحمية بالسلاح أو النفوذ السياسي وفرض رقابة فعالة على مؤسسات الدولة وربط الموازنة العامة بالرقابة والمساءلة ومكافحة الفساد في كافة المؤسسات الإيرادية دون استثناء أو حماية سياسية ، فالناس اليوم لا يطلبون المستحيل هم فقط يريدون الحد الأدنى من الحياة الكريمة رغيف خبز بسعر معقول دواء لا يتضاعف سعره كل أسبوع كهرباء لا تعاملهم كزائر موسمي يريدون دولة تنصفهم لا تعاقبهم وتخاطبهم بالأفعال لا بالوعود المؤجلة.

 

وأكد أنه " ما لم يكن هناك قرار وطني شجاع يعيد ضبط بوصلة الأولويات ويكسر منظومة الفساد ويمكن البنك المركزي من فرض سلطته الكاملة على كل شبر من البلاد فإن القادم سيكون أسوأ والانهيار سيتسارع والثقة ستتبخر تماما ، مشيراً أن اليمنيين قد سئموا من التبريرات وملوا الانتظار ولم يعودوا يثقون في الخطابات ، وإنهم اليوم يسألون أين الدولة؟ وأين القيادة؟ وأين المستقبل؟ ، وإذا استمر هذا الصمت الرسمي المخيف فان السؤال القادم لن يكون عن قيمة الريال بل عن قيمة الدولة نفسها " .

متعلقات
انتقالي ساه يتفقد الوحدة الصحية بمنطقة الضبيعة
القاضي حسين الطاهري رئيس نيابة استئناف أبين يلتقي مدير أمن المحافظة العميد أبو مشعل الكازمي
أبوبكر القربي : صالح كان يتوقع نهايته على يد الحوثيين
"الحكومة تفشل في إقناع صافر بتزويدها بالمازوت دون دفع مسبق"
البيع اساسه بيع علاقات