بوتين يعود إلى «أرض الأجداد» للقاء ترامب.. لماذا ألاسكا؟
الأمناء /متابعات


في أقصى أطراف الكرة الأرضية، حيث تمتد الجبال الجليدية نحو الأفق وتتعانق مياه المحيطين الهادئ والمتجمد الشمالي، تستعد ولاية ألاسكا الأمريكية لأن تتحول فجأة من صفحة هادئة في الأطلس إلى العنوان الأبرز في نشرات الأخبار العالمية.


هذه الأرض النائية، التي كانت يومًا ما قطعة من الإمبراطورية الروسية قبل أن تباع بثمن بخس للولايات المتحدة، ستصبح خلال أيام قليلة ملتقى رجلين طالما شغلا الساحة الدولية، الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ونظيره الروسي فلاديمير بوتين.

المواجهة النووية بين روسيا وأمريكا.. ترامب يستعير قاموس أزمة 1962

والقمة المقرر عقدها يوم الجمعة المقبل، ستكون لقاء يجمع بين الرمزية الجغرافية والحسابات السياسية الدقيقة، ويبتعد عن الأجواء الأوروبية المزدحمة والضغوط الدبلوماسية، بحسب صحيفة "التايمز" البريطانية.

وقد أثار إعلان ترامب عن اختيار ألاسكا – الولاية الواقعة في أقصى شمال غرب الولايات المتحدة والتي تفصلها عن روسيا مسافة لا تتجاوز ميلين عبر مضيق بيرينغ موجة من الترحيب المحلي، خاصة من حاكم الولاية الجمهوري مايك دانليفي.

وأشاد دانليفي على منصة "إكس" بالولاية التي يعتبرها "أكثر المواقع استراتيجية في العالم"، مشيرًا إلى موقعها الفريد عند تقاطع أميركا الشمالية وآسيا، وإطلالتها المباشرة على القطب الشمالي والمحيط الهادئ، فضلًا عن دورها المحوري في الأمن القومي الأمريكي وقيادة شؤون الطاقة في المنطقة القطبية.

ووفقا للصحيفة فإن الاختيار لم يكن مصادفة؛ فهو يمنح بوتين ميزة سياسية وقانونية واضحة، إذ يجنّبه خطر الاعتقال بموجب مذكرة المحكمة الجنائية الدولية التي أصدرتها بحقه على خلفية الحرب في أوكرانيا، حيث لا تعترف الولايات المتحدة باختصاص هذه المحكمة.


كما يحمل المكان بعدا تاريخيا عميقا، إذ كانت ألاسكا جزءا من الأراضي الروسية حتى عام 1867، عندما باعها القيصر ألكسندر الثاني للولايات المتحدة مقابل 7.2 مليون دولار، في صفقة وُصفت آنذاك بأنها "أكبر عملية بيع للأرض في التاريخ الحديث"، وكانت قيمتها تعادل نحو سنتين لكل فدان.

منذ عقود، كان اختيار مواقع القمم بين قادة القوى العظمى يحمل رسائل سياسية مدروسة؛ فالقمة بين جون كينيدي ونيكيتا خروتشوف في فيينا عام 1961 جاءت بعد أزمة خليج الخنازير، بينما جمعت قمة جنيف عام 1985 رونالد ريغان بميخائيل غورباتشوف في لحظة مفصلية من الحرب الباردة.

وكانت هناك لقاءات في أماكن غير تقليدية، مثل العاصمة الأيسلندية ريكيافيك عام 1986، ومالطا عام 1989، وحتى قلعة بردو في سلوفينيا عام 2001، حيث أثار الرئيس الأمريكي جورج بوش الابن الجدل بقوله إنه "نظر في عيني بوتين ورأى روحه".

أما العلاقات الشخصية بين ترامب وبوتين، فقد شهدت محطة بارزة في قمة هلسنكي عام 2018، حين واجه ترامب انتقادات حادة بعد ظهوره وكأنه يتبنى نفي بوتين لمزاعم الاستخبارات الأمريكية بشأن التدخل الروسي في الانتخابات.

ومنذ ذلك الحين، التقى الزعيمان على هامش قمم دولية عدة، أبرزها قمة مجموعة العشرين في اليابان عام 2019، إضافة إلى اتصالات هاتفية متقطعة.

ورغم موقع ألاسكا شبه المتساوي بين واشنطن وموسكو، لم تستضف أي قمة كبرى بين القوتين من قبل. والقمة الوحيدة المعروفية كانت عام 1984، عندما التقى الرئيس ريغان بالبابا يوحنا بولس الثاني في مطار فيربانكس أثناء توقف للتزود بالوقود، في العام ذاته الذي شهد إقامة علاقات دبلوماسية كاملة بين الولايات المتحدة والفاتيكان.

 


ويحقق اختيار ألاسكا هذه المرة أهدافًا سياسية للطرفين؛ فترامب يفضل استضافة بوتين على أرض أمريكية لتأكيد مكانته كمضيف ومتحكم في أجندة اللقاء، فيما يرى الكرملين أن الموقع "منطقي تمامًا" بحكم الجغرافيا، وألمح إلى إمكانية عقد قمة مماثلة مستقبلًا في روسيا، ربما في موسكو أو في فلاديفوستوك، المدينة الساحلية القريبة من الحدود مع الصين وكوريا الشمالية.

وقد احتفى الإعلام الروسي الرسمي بالقرار واعتبره "انتصارًا سياسيًا" لبوتين ورسالة تهميش للرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الذي كان يأمل في حضور اجتماع ثلاثي.

وقد سخرت صحيفة كومسومولسكايا برافدا من فكرة عقد القمة في أوروبا، مشيرة إلى أن القادة الأوروبيين كانوا سيحاصرون ترامب بطلباتهم بشأن أوكرانيا، بينما سيجد زيلينسكي سبيلا للتقرب منه في أروقة المؤتمرات.

واختتمت الصحيفة بتأكيد أن روسيا لا تحمل أي مشاعر سلبية تجاه بيع ألاسكا قبل أكثر من 150 عاما، معتبرة أن الصفقة آنذاك كانت ضرورية لتجنب خطر استيلاء بريطانيا عليها من كندا.

وأضافت أن اختيار ألاسكا اليوم لعقد المفاوضات قد يكون إشارة رمزية لأوكرانيا بأن النزاعات الإقليمية يمكن حلها بطرق سلمية وتجنب الأسوأ، تماما كما جرى بين موسكو وواشنطن في القرن التاسع عشر.


 

متعلقات
محمد صلاح يحرج "يويفا" بعد مقتل "بيليه فلسطين"
تعرف على سعر الصرف وبيع العملات مساء السبت بالعاصمة عدن
تسرب مياه مشعة من قاعدة نووية بريطانية إلى البحر
نفي رسمي من مكتب التعليم الفني والتدريب المهني بأبين بخصوص ما تم تداوله حول نهب المعهد المهني بالكود
"المعركة المصيرية: توحيد الفكر والسلاح لاستعادة هوية اليمن في مواجهة المشروع الحوثي الكهنوتي"