الهند–الصين–روسيا.. تحالف ثلاثي يعيد رسم الخريطة الاقتصادية والسياسية العالمية
الأمناء نت / صحف

يشهد العالم اليوم تشكّل تحالف استراتيجي بين ثلاث قوى اقتصادية وسياسية وديموغرافية هائلة: الهند والصين وروسيا، وهو ما يثير اهتمام الدبلوماسيين والمحللين على حد سواء، لما له من انعكاسات عميقة على التوازنات العالمية ومستقبل النظام الدولي.

 

ويمثل التحالف ثلاثي الأبعاد قوة هائلة على مستوى السكان، إذ يجمع أكثر من 2.7 مليار نسمة بين الدول الثلاث، أي نحو 35% من سكان العالم.

 

ويوفر هذا الحجم الديموغرافي نفوذاً هائلاً في الأسواق والموارد البشرية والقدرة الاستهلاكية، ويعزز موقف هذه الدول في المنظمات الدولية، بما في ذلك الأمم المتحدة ومنظمات التجارة العالمية.

 

في هذا السياق، أوضح أميت كومار، الدبلوماسي الهندي السابق، أن "الهند ترى في هذا التحالف فرصة لإعادة رسم موازين القوى العالمية بطريقة تحقق التوازن بين النفوذ الشرقي والغربي، وتحد من الهيمنة الأحادية للقوى التقليدية مثل الولايات المتحدة وأوروبا".

 

 

 

وأضاف "كومار" في تصريحات لـ"إرم نيوز" أن القوة الديموغرافية تتحول إلى نفوذ سياسي فعلي عندما يُترجم إلى مقاعد مؤثرة في المحافل الدولية، وهو ما نسعى لتحقيقه من خلال هذا التعاون الثلاثي.

 

قوة السوق والصناعة

 

يمثل التحالف قوة هائلة اقتصادياً، تجمع بين الاقتصاد الصناعي العملاق للصين، واحتياطيات الطاقة والموارد الطبيعية الروسية، ونمو السوق الاستهلاكي الهندي المتسارع.

 

وتشير التقديرات إلى أن الناتج المحلي الإجمالي المشترك للدول الثلاث يوازي تقريباً ثلث الاقتصاد العالمي عند احتساب القوة الشرائية؛ ما يمنحها قدرة على التأثير في أسعار السلع الأساسية، والموارد، والتجارة الدولية.

 

ويملك التحالف أيضاً قدرات ضخمة في مجال الطاقة والتجارة؛ فروسيا تعد ثاني أكبر مصدر للغاز الطبيعي، والصين هي أكبر مستورد للطاقة عالميًا، فيما تمثل الهند سوقًا استهلاكية بنحو 1.4 مليار نسمة.

 

هذه المعادلة تمنح التحالف قدرة استثنائية على التحكم في أسعار الطاقة والموارد، والتأثير في اتجاهات السوق العالمية.

 

 

 

وفي حديثه حول الخطط الاقتصادية، قال "كومار": "الهند تركز على تعزيز التكامل الاقتصادي بين الهند والصين وروسيا من خلال مشروعات مشتركة في الطاقة والتكنولوجيا واللوجستيات، وتعمل على خلق سلاسل إنتاج مشتركة تستطيع منافسة التحالفات الغربية التقليدية؛ بهدف بناء اقتصاد متين قادر على الصمود أمام أي ضغط خارجي".

 

القوة العسكرية والتعاون الدفاعي

 

يمتلك التحالف الثلاثي قوة عسكرية هائلة، إذ يضم أكثر من 4.6 مليون جندي نشط، مقارنة بنحو 3.5 مليون في الناتو؛ أما في الترسانة النووية، فروسيا والصين وحدهما يمتلكان ما يزيد عن 7,000 رأس نووي مجتمعين.

 

كما تمتلك الصين أكبر بحرية في العالم بعدد يقارب 370 قطعة بحرية، بينما تحتفظ روسيا بترسانة صاروخية متطورة، والهند تواصل تعزيز قوتها الجوية والبحرية عبر صفقات مع موسكو وبكين.

 

ويعزز هذا الأمر قدرة التحالف على حماية المصالح الإقليمية والدولية، ويمنح موطئ قدم أقوى في أي مفاوضات استراتيجية مستقبلية.

 

ورغم الإمكانات الكبيرة، يواجه التحالف تحديات داخلية وخارجية، منها اختلاف السياسات الداخلية بين الدول الثلاث، والتوترات الحدودية بين الهند والصين، وكذلك الضغوط الاقتصادية والسياسية من القوى الغربية.

 

ومع ذلك، يرى "كومار" أن "التعاون الثلاثي ليس مجرد تحالف تكتيكي، بل استراتيجية طويلة المدى لإعادة توزيع النفوذ العالمي، وتأكيد قدرة دول الجنوب على تحديد مستقبلها الاقتصادي والسياسي".

 

 

ولفت إلى أن هذا التحالف قادر على تقديم نموذج بديل للتنمية، يركز على مصالح شعوبنا أولاً، ويعزز السلام والاستقرار في مناطقنا، مع احترام سيادة الدول الأخرى".

 

تأثير التحالف العالمي الثلاثي

 

يتضح أن تحالف الهند–الصين–روسيا يشكل كتلة سياسية وديموغرافية واقتصادية هائلة، قادرة على التأثير في السياسات العالمية، وإعادة رسم موازين القوى الاقتصادية الدولية.

 

وبينما تعمل الدول الثلاث على تعزيز التعاون في مجالات الدفاع والاقتصاد والتكنولوجيا، يبقى السؤال حول مدى قدرة التحالف على مواجهة الضغوط الغربية وتحويل ثقل سكانه واقتصاده إلى نفوذ فعلي على الساحة الدولية.

 

كما يشير الخبراء، فإن هذا التحالف ليس مجرد شراكة سياسية، بل هو رسالة واضحة إلى النظام الدولي بأن التحالفات التقليدية لم تعد وحدها قادرة على تحديد مستقبل العالم، وأن الدول الناشئة تبحث عن دور أكبر وأكثر تأثيراً في صياغة القوانين الاقتصادية والسياسية العالمية.

متعلقات
أمن العاصمة عدن يلقي القبض على شخص حاول قتل جاره طعناً بالخنجر
"الموظفون المدنيون والعسكريون يواجهون المجهول: ثلاثة أشهر بلا مرتبات"
صاعقة رعدية تقتل مواطنًا في أبين
الأبعاد المحلية والإقليمية لاستهداف حكومة الحوثيين: تحوّل في مسار المواجهة
دراسة تحليلية لتجربة حكومة بن بريك للإصلاح الاقتصادي في المناطق المحررة في اليمن